للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من صفات الله عزَّ وجلَّ وحقائق أسمائه الحسنى حقٌّ لا يُبطلِه تسميةُ المعطلين لها: تركيبًا وتجسيمًا. وكذلك ما دلَّ عليه العقل والنقل من إثبات أفعاله وكلامه بمشيئته، ونزوله كلَّ ليلة إلى سماء الدنيا، ومجيئه يوم القيامة للفصل بين عباده= حقٌّ لا يُبطلِه تسميةُ المعطِّلين (١) له: حلولَ حوادثَ. وكما أنَّ ما دلَّ عليه العقل والنقل من علوِّ الله على خلقه ومباينته لهم (٢)، واستوائه على عرشه، وعروجِ الملائكة والروح إليه ونزولِها من عنده، وصعودِ الكلِم الطيِّب إليه، وعروجِ رسوله إليه ودنوِّه منه حتى صار قاب قوسين أو أدنى، وغير ذلك من الأدلّة= حقٌّ لا يبطله تسمية الجهمية له: حيِّزًا وجهةً وتجسيمًا.

قال الإمام أحمد: لا نُزيل عن الله صفةً (٣) من صفاته لأجل شناعة المشنِّعين (٤). فإنَّ هذا شأن أهل البدع، يلقِّبون أهلَ السُّنَّة وأقوالَهم بالألقاب التي ينفِّرون منها الجُهَّال، ويسمونها: حشوًا وتركيبًا وتجسيمًا. ويسمُّون عرش الربِّ تبارك وتعالى: حيِّزًا وجهةً، ليتوصَّلوا بذلك إلى نفي علوِّه على (٥) خلقه


(١) (غ): «المعطل». وكذا كان في الأصل ثم أصلح.
(٢) (ط): «له». وهو ساقط من (ب، ج).
(٣) (ب، ط، ن): «لا تزيل ... ». وفي (أ، غ): «لا تُزِلِ الله عن صفة». والمثبت من (ق)، وهو الموافق للمصادر الأخرى.
(٤) أوردها المؤلف بهذا اللفظ في الصواعق المرسلة (٤٤٠) ومدارج السالكين (٣/ ٢٥٩) ومفتاح دار السعادة (٢/ ٤٥٨) وغيره. ولفظه في رواية حنبل: «ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعات شُنِّعت». إبطال التأويلات لأبي يعلى (١/ ٤٤). وانظر أيضًا (٢/ ٢٩٧). ونحوه عن حنبل في اجتماع الجيوش الإسلامية (٣٢٢).
(٥) (أ، غ): «عن».