للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستوائه على عرشه؛ كما تسمِّي الرافضةُ موالاةَ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلِّهم، ومحبتَهم والدعاءَ لهم نَصْبًا، وكما تسمِّي القدريةُ المجوسيةُ إثباتَ القدر جبرًا (١). فليس الشأن في الألقاب، وإنما الشأن في الحقائق.

والمقصود: أنَّ تسمية ما دلَّت عليه السُّنَّة الصريحة من جَعْل أرواح الشهداء في أجواف طيرٍ خُضْرٍ تناسخًا لا يبطل هذا المعنى. وإنما التناسخ الباطل ما يقوله (٢) أعداء الرسل من الملاحدة وغيرِهم الذين ينكرون المعاد: إنَّ الأرواح تصير بعد مفارقة الأبدان إلى أجناس الحيوان والحشرات والطيور التي (٣) تناسبها وتشاكلها، فإذا فارقت هذه الأبدانَ انتقلت إلى أبدان تلك الحيوانات فتنعَّم فيها وتعذَّب، ثم تفارقها وتحلُّ في أبدان أُخَر [٧٣ ب] تناسب أعمالها وأخلاقها؛ وهكذا أبدًا. فهذا معادُها عندهم ونعيمُها وعذابها، لا معادَ لها عندهم غيرُ ذلك. فهذا هو التناسخ الباطل المخالف لما اتفقت (٤) عليه الرسل والأنبياء من أولهم إلى آخرهم، وهو كفر بالله وباليوم (٥) الآخر.

وهذه الطائفة تقول: إنَّ مستقرَّ الأرواح بعد المفارقة أبدانُ الحيوانات التي تناسبها. وهو أبطلُ قولٍ وأخبثُه.

ويليه قول من قال: إنَّ الأرواح تُعدَم جملةً بالموت، ولا تبقى هناك


(١) انظر في هذا المعنى أيضًا: الصواعق المرسلة (ص ٤٣٨ ــ ٤٤١).
(٢) (ن): «تقوله». وأهمل نقطه في (أ، ق).
(٣) في (ب، ط، ن، ج) زيادة بعد «التي»: «كانت».
(٤) (ط): «أنفق».
(٥) (ب، ن): «واليوم».