للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حيث هو، من غير اختصاصٍ بواحد بعينه، كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ٢]. و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: ٦] و {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: ١٩]. و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ ــ ٧]. و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤]. و {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢].

فهذا شأنُ الإنسان من حيث ذاتُه ونفسُه. وخروجُه عن هذه الصفات بفضلِ ربِّه، وتوفيقِه له، ومنَّتِه عليه، لا من ذاتِه (١)؛ فليس له من ذاته إلا هذه الصفات. وما به من نعمةٍ فمن الله وحده [٨٠ ب]، فهو الذي حبَّب إلى عبده الإيمان، وزيَّنَه في قلبه، وكرَّه إليه الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، وهو الذي كتب في قلبه الإيمان. وهو الذي ثبَّت أنبياءه ورسله وأولياءه على دينه، وهو الذي يصرِف عنهم السوءَ والفحشاء. وكان يُحدى (٢) بين يدي النبي (٣) - صلى الله عليه وسلم -:

والله لولا اللّهُ ما اهتدَينا ... ولا تصَدَّقْنا ولا صَلَّيْنا (٤)

وقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: ١٠٠]. وقال تعالى: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: ٥٦]. {وَمَا تَشَاءُونَ


(١) (ن): «من حيث ذاته».
(٢) (ن): «يحتدي». (ق): «يجري»، تصحيف.
(٣) ما عدا (أ، ق، غ): «رسول الله».
(٤) حدا بهذا الرجز عامر بن الأكوع في غزوة خيبر. أخرجه البخاري (٤١٩٦) ومسلم (١٨٠٢) من حديث سلمة بن الأكوع.