للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (١) [التكوير: ٢٩]. فهو ربُّ جميع العالم ربوبيَّةً (٢) شاملةً لجميع ما في العالم (٣) من ذواتٍ وأفعالٍ وأحوال.

وقالت طائفة (٤): الآيةُ إخبارٌ عن شرعِ مَنْ قَبلنا، وقد دلَّ شرعُنا على أنَّ (٥) له ما سَعى، وما سُعِي له (٦). وهذا أيضًا أضعفُ من الأول، أو من جنسه. فإنَّ الله سبحانه أخبر بذلك إخبارَ مقرِّرٍ له محتجٍّ به، لا إخبارَ مُبطِلٍ له. ولهذا قال: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: ٣٦]. فلو كان هذا باطلاً في هذه الشريعة لم يُخبِر به إخبارَ مقرِّر له محتجٍّ به.

وقالت طائفة: اللام بمعنى على، أي: وليس على الإنسان إلا ما سعى (٧). وهذا أبطَلُ من القولين الأوَّلَين، فإنَّه قَلْبُ موضوعِ الكلام (٨) إلى ضدِّ معناه المفهوم منه. ولا يسوغ مثلُ هذا، ولا تحتمله اللغة. وأما نحو: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غافر: ٥٢] فهي على بابها (٩)، أي: هي نصيبُهم وحظهم.


(١) لم ترد هذه الآية في (ب، ط، ن، ج).
(٢) كذا مضبوطة في (ق). وفي (ب، ن): «ربوبيته».
(٣) «فهو رب ... العالم» ساقط من (ط).
(٤) (ن): «طائفة أخرى».
(٥) (ق، ط): «أنه».
(٦) وهو قول عكرمة. انظر: الكشف والبيان (٩/ ١٥٣) وزاد المسير (٨/ ٨١).
(٧) زاد المسير (٨/ ٨١) وذكر أنّه حكاه شيخه علي بن عبيد الله الزاغوني (ت ٥٢٧).
(٨) هذا الضبط من الأصل. وفي (ط): «قلَبَ موضوعَ الكلام».
(٩) خلافًا لمن فسَّر اللام فيها بمعنى (على). انظر: زاد المسير (٧/ ٢٣١)، البحر المحيط (٧/ ٤٩٦).