للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره له في الصلاة. فعملُ غيره كان سببًا لزيادة أجره، كما أنَّ عملَه سببٌ لزيادة أجر الآخر. بل قد قيل: إنَّ الصلاةَ يُضاعَف ثوابُها بعدد المصلِّين. وكذلك اشتراكهم في الجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البرِّ والتقوى. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ للمؤمن كالبُنيان يشُدُّ بعضُه بعضًا»، وشبَّكَ بين أصابعه (١). ومعلوم [٨٢ أ] أنَّ هذا بأمورِ الدين أولى منه بأمور الدنيا.

فدخولُ المسلم مع جملة المسلمين في عقد الإسلام من أعظم الأسباب في وصول نفع كلٍّ من المسلمين إلى صاحبه في حياته وبعد مماته، ودعوة المسلمين تُحيط من ورائهم. وقد أخبر الله سبحانه عن حَمَلة العرش ومَن حولَه أنهم يستغفرون للمؤمنين ويَدْعون لهم، وأخبر عن دعاء رُسُله واستغفارهم للمؤمنين، كنوحٍ وإبراهيمَ ومحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فالعبدُ بإيمانه قد تسبَّب إلى وصول هذا الدعاء إليه، فكأنه من سَعْيه (٢).

يُوضِّحه أنَّ الله سبحانه جعل الإيمان (٣) سببًا لانتفاع صاحبه بدعاء إخوانه من المؤمنين وسَعْيهم، فإذا أتى به فقد سعى في السَّببِ الذي يُوصل إليه ذلك. وقد دلَّ على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: «إن أباك لو كان أقرَّ بالتوحيد نفعَه ذلك» (٤). يعني العِتقَ الذي فعل عنه بعد موته. فلو


(١) أخرجه البخاري (٤٨١) ومسلم (٢٥٨٥) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٠٧).
(٣) (أ، ق، غ): «الإعادة»، وهو تحريف. وفي طرَّة الأصل تصحيح بخط بعضهم.
(٤) سبق في فصل وصول ثواب الصدقة.