للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١]. وعيسى مخلوق. قلنا له: إن الله تعالى منَعَك الفهمَ للقرآن. إنَّ عيسى تجري عليه ألفاظٌ لا تجري على القرآن، لأنا نُسمِّيه مولودَا وطفلاً وصبيًّا وغلامًا يأكل ويشرب، وهو مخاطَبٌ بالأمر والنهي، يجري عليه الخطاب والوعد والوعيد، ثم هو من ذرِّية نوح ومن ذرِّية إبراهيم. فلا يحِلُّ لنا أن نقول في القرآن ما نقول في عيسى فهل سمعتم الله يقول في القرآن ما قال في عيسى؟

ولكن المعنى في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ}: فالكلمة التي ألقاها إلى مريم (١) حين قال له: كُن، فكان عيسى هو بكُنْ، وليس عيسى هو «كن»، ولكن كان بـ «كُن». فـ «كُن» من الله قولٌ، وليس «كُن» مخلوقًا.

وكذبت النصارى والجهمية على الله في أمر (٢) عيسى. وذلك أنَّ الجهمية قالوا: روحُ الله وكلمتُه، إلا أنَّ كلمتَه مخلوقة. وقالت النصارى: عيسى روحُ الله وكلمته، فالكلمةُ (٣) من ذاته، كما يقال (٤): هذه الخِرْقة من هذا الثوب.

قلنا نحن: إن عيسى بالكلمةِ كان، وليس عيسى هو الكلمة، وإنما الكلمة قولُ الله. وقوله: {وَرُوحٌ مِنْهُ} يقول: من أمرِه كان الروح فيه، كقوله تعالى:


(١) «فالكلمة ... مريم» ساقط من (ق).
(٢) «أمر» ساقط من (ن).
(٣) «فالكلمة» من (أ، غ).
(٤) (ن): «نقول».