للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحبَّة (١)، وبارئ النَّسَمة، أي: خالق الروح.

وقال أبو إسحاق ابن شاقْلا (٢) فيما أجاب به في هذه المسألة: سألتَ ــ رحمك الله ــ عن الروح مخلوقةٌ هي، أو غيرُ مخلوقة؟ قال: وهذا مما لا يشُكُّ فيه مَن وُفِّق للصواب أنَّ الروحَ من الأشياء المخلوقة.

وقد [٩٣ أ] تكلَّم في هذه المسألة طوائفُ من أكابر العلماء والمشايخ، وردُّوا على من يزعم أنها غير مخلوقة. وصنَّف الحافظُ أبو عبد الله ابن منده في ذلك كتابًا كبيرًا. وقبله الإمام محمد بن نصر المروَزي وغيره، والشيخ أبو سعيد الخرَّاز، وأبو يعقوب النهرَجُوري (٣) والقاضي أبو يعلى.

وقد نصَّ على ذلك الأئمة الكبار، واشتدَّ نكيرُهم على من يقول ذلك في روح عيسى ابن مريم، فكيف بروح غيره! كما ذكره الإمام أحمد فيما كتبه في محبِسه (٤) في «الرد على الزنادقة والجهمية» (٥):

«ثم إنَّ الجهميَّ ادَّعى أمرًا، فقال: أنا أجد آيةً في كتاب الله مما يدلُّ على أنَّ القرآن مخلوقٌ: قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ


(١) (ب، ج): «فالق الحب والنوى». وفي (ن): «فالق الحبّ وبارئ النسم ... الأروح». وفي طبعة دار الراية: «خالق الجن»، تحريف.
(٢) هنا أيضًا ضبط في (ق) بسكون القاف مع علامة صح، وانظر ما سبق في (ص ٩٩).
(٣) أبو سعيد (ت ٢٧٩) من أصحاب ذي النون، وأبو يعقوب (ت ٣٣٠) من أصحاب الجنيد. انظر: طبقات الصوفية للسلمي (٢٢٨، ٣٧٨). وقد ذكر شيخ الإسلام من كلامهما على الروح. مجموع الفتاوى (٤/ ٢٢٠ ــ ٢٢١).
(٤) في (ب، ن): «مِحنته»، وهو مع صحة معناه تصحيف. انظر: منهاج السُّنَّة (٥/ ١٩٠) ودرء التعارض (١/ ١٢٠).
(٥) (ص ٣١ ــ ٣٢).