للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذاك إلّا سِماتُ مخلوق مُبدَع، وصِفات مُنْشَأ مُخْترَع، وأحكام مربوب مدبَّر مصرَّف تحت مشيئة خالقه وفاطره وبارئه.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند نومه: «اللهم أنت خلقتَ نفسي وأنت تَوَفَّاها (١). لك مماتها ومحياها، فإن أمسكتَها فارحَمْها، وإن أرسلتَها فاحفَظْها بما تحفظُ به عبادَك الصالحين» (٢).

وهو تعالى بارئ النفوس كما هو بارئُ الأجساد. قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢]. قيل: من قبل أن نبرأ (٣) المصيبة. وقيل: من قبل أن نبرأ الأرض. وقيل: من قبل أن نبرأ الأنفس، وهو أولى؛ لأنه أقرب مذكور إلى الضمير. ولو قيل: يرجع إلى الثلاثة أي: من قبل أن نبرأ المصيبة والأرض والأنفس لكان أوجَه (٤).


(١) (ط): «تتوفاها».
(٢) كذا في جميع النسخ. وهذا اللفظ مركب من حديثين: حديث ابن عمر الذي أخرجه مسلم (٢٧١٢) وفيه بعد «محياها»: «إن أحييتها فاحفظها وإن أمَتَّها فاغفر لها. اللهم إني أسألك العافية». وحديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٦٣٢٠، ٧٣٩٣) ومسلم (٢٧١٤) وأوله: «باسمك ربِّي وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها ... ».
(٣) في (ق، غ) هنا وفي المواضع الآتية: «يبرأ». وفي (ب): «نبرأها: المصيبة» وكذلك فيما بعد.
(٤) انظر المحرر الوجيز (٥/ ٢٦٨) وقد نقل عن المهدوي جواز عود الضمير على جميع ما ذكر.