للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيِّ بن كعب في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} الآية [الأعراف: ١٧٢]، قال: جمعهم له يومئذ جميعًا ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجعلهم أرواحًا، ثم صوَّرهم، واستنطقهم، فتكلَّموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق، {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢]. قال: فإنِّي أُشهِدُ عليكم السمواتِ السبع والأرَضين السبع، وأُشهِد عليكم أباكم آدمَ {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}. فلا تُشركوا بي شيئًا، فإنِّي أُرسِل إليكم رُسُلي يذكِّرونكم عهدي وميثاقي، وأُنزِلُ عليكم كتبي. فقالوا: نشهد أنك ربُّنا وإلهنا، لا ربَّ لنا غيرُك.

ورُفِع لهم أبوهم آدمُ، فرأى فيهم الغنيَّ والفقيرَ، وحَسنَ الصورة، وغيرَ ذلك؛ فقال: ربِّ لو سوَّيتَ بين عبادك! فقال: إني أحبُّ أن أُشكَر.

ورأى فيهم الأنبياء مثلَ السُّرُج، وخُصُّوا بميثاق آخر بالرسالة والنبوة. فذلك قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: ٧]. وهو قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]. وهو قوله: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} [النجم: ٥٦]. وقوله: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٠٢]. وكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخَذَ عليها الميثاق، فأرسل ذلك الرُّوحَ [١٠٢ أ] إلى مريم، حين انتبذَتْ من أهلها مكانًا شرقيًّا، فدخل مِن فيها.

وهذا إسناد صحيح.