للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال إسحاق بن راهويه: أخبرنا بقية بن الوليد قال: أخبرني الزُّبَيْديُّ محمد بن الوليد، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النَّصْري (١)، عن أبيه، عن هشام بن حكيم بن حزام أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أتُبتَدأ الأعمال، أم قد مضى القضاء (٢)؟ فقال: «إن الله لما أخرج ذريةَ آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم (٣) في كفَّيه، فقال: هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار. فأهلُ الجنة ميسَّرون لعمل أهل الجنة، وأهلُ النار ميسَّرون لعمل أهل النار» (٤).


(١) الأصل غير منقوط. وفيما عداه: «البصري» وهو تصحيف. وقد اتفقت النسخ على «أبي قتادة» وكذا في شفاء العليل (٣١). والصواب: عبد الرحمن بن قتادة. والنصّ على ضبط «النصري» بالنون في الإكمال (١/ ٣٩٠). وانظر: تفسير الطبري ــ شاكر (١٣/ ٢٤٧) حاشية المحقق.
(٢) في (ب) بعده زيادة: «يوم القيامة».
(٣) من أفاض الرجل بقداح الميسر: ضرب بها وأجالها.
(٤) أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية (٢٩٦٢)، ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (٦٩٦)، وفيهما: «عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النّصري».
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ١٩١، ١٩٢) تعليقًا، والبزار (٢١٤٠ ــ كشف الأستار)، وابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ٥٦٢)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٢/ ١٦٩) من طرق عن بقية، به.
وفي إسناده اختلاف على راشد بن سعد: فروي عنه من هذا الوجه.
وروي عنه عن عبد الرحمن بن قتادة، عن هشام بن حكيم. وليس فيه «عن أبيه». أخرجه أبو بكر الفريابي في القدر (٢٢)، ومن طريقه الآجري في الشريعة (٣٣٠)، والطبراني في مسند الشاميين (١٨٥٥، ٢٠٤٦).
وروي عنه، عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الإمام أحمد (١٧٦٦٠)، والفريابي في القدر (٢٥، ٢٦)، وابن حبان (٣٣٨)، والحاكم (١/ ٣٠) وصحّحه.

وبناء على هذه الرواية تُرجم لعبد الرحمن هذا في الصحابة، كما في الإصابة ترجمة (٥٢٠٧) وغيره.
لكن جزم البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٣٤١) بخطأ هذه الرواية. ونقله عنه الحافظ في تعجيل المنفعة في ترجمة عبد الرحمن بن قتادة السلمي (٦٤٣) وزاد: «وأن الصواب: عن راشد، عن عبد الرحمن، عن هشام». وهذا يعني عدم ثبوت صحبة عبد الرحمن بن قتادة.
هذا وقد أعلّ ابن السكن، وابن عبد البر، والحسيني الحديث بالإضطراب. انظر: الاستيعاب ترجمة (١٤٥٠)، والإكمال ترجمة (٥٣٢)، والإصابة.
وعلى القول بترجيح الوجه الثاني كما قاله البخاري، يكون في إسناده جهالة؛ لأن عبد الرحمن بن قتادة لم تصح صحبته وإنما ذُكر فيهم بناءً على رواية الإمام أحمد وغيره، وهي خطأ، وأما قول الحافظ في آخر ترجمته: «ويكفي في صحته إثبات الرواية التي شهد له فيها التابعي بأنه من الصحابة، فلا يضرّ بعد ذلك إن كان سمع الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بينهما فيه واسطة». فالجواب أن هذا يستقيم لو لم يختلف عليه في إسناده، أما وأن الرواية التي شهد له التابعي بالصحبة هي خطأ. كما نقله هو عن البخاري. فحقُّه حينئذ أن يترجمه في القسم الرابع، كما هي عادته في مثل هذا. والله أعلم. (قالمي).