للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للتقدير السابق؛ كشأنه تعالى في جميع مخلوقاته، فإنه قدَّر لها أقدارًا وآجالًا وصفاتٍ وهيئات، ثم أبرزها إلى الوجود (١) مطابقةً لذلك التقدير الذي قدَّره لها، لا تزيد عليه ولا تنقص منه.

فالآثار المذكورة إنما تدل على إثبات القدَر السابق، وبعضُها يدل على أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصُورَهم، وميَّزَ أهل السعادة من أهل الشقاوة. وأمَّا مخاطبتهم واستنطاقهم، وإقرارهم له بالربوبية، وشهادتهم على أنفسهم بالعبودية؛ فمَن قاله من السلف فإنما هو بناءٌ منه على فهم الآية، والآيةُ لم تدلَّ على هذا، بل دلَّت على خلافه.

وأما حديث مالك، فقال أبو عمر (٢): هو (٣) حديث منقطع، مسلم بن يسار لم يلقَ عمر بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث نُعيم بن ربيعة، وهو أيضًا مع هذا الإسناد لا تقوم به حجة. ومسلم بن يسار (٤) هذا مجهول، قيل: إنه مدني، وليس بمسلم بن يسار البصري. قال ابن أبي خَيثمة (٥) [١٠٤ ب]: قرأت على يحيى بن معين حديثَ مالكٍ هذا عن زيد بن أبي أُنَيسة، فكتب بيده على مسلم بن يسار: لا يُعرف.

ثم ساقه أبو عمر من طريق النسائي: أخبرنا محمد بن وهب (٦)، ثنا


(١) (ط): «للوجود».
(٢) في التمهيد (٦/ ٣ ــ ٥).
(٣) (ن): «هذا».
(٤) زاد في (ن): «الجهني».
(٥) في تاريخه (٢٦٦٧، ٤٥٧٥).
(٦) (ب، ج): «وهب بن منبه»، خطأ.