للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَفْلةٌ عنه، فيجحدونه، ويُنكرونه؛ فمتى تكون هذه الغفلة منهم؟ وهو عزَّ وجلَّ لا يؤاخذهم بما لم يكن منهم، وذكرُ ما لا يجوز ولا يكون مُحال (١).

وقوله: {أَوْ يَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: ١٧٣]، فلا يخلو هذا الشرك الذي يؤاخَذون به أن يكون منهم أنفسِهم، أو من آبائهم. فإن كان منهم، فلا يجوز (٢) أن يكون ذلك إلا بعد البلوغ وثُبوتِ الحجة عليهم؛ إذ الطفل لا يكون منه شرك ولا غيره. وإن كان من غيرهم، فالأمَّةُ (٣) مُجمِعة على أنْ {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] كما قال عزَّ وجلَّ في الكتاب.

وليس هذا (٤) بمخالف لما رُوي عن النبي [١٠٨ أ] - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله مسح ظهرَ آدم، وأخرج منه ذرِّيتَه، فأخذ عليهم العهد» (٥)؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - اقتَصَّ قول الله عز وجل، فجاء مثلَ نظمِه (٦)، فوضع الماضي من اللفظ موضعَ المستقبل.

قال: وهذا شبيهُ القصَّة بقصَّة قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١]. فجعل سبحانه ما أَنزلَ على الأنبياء من الكتاب


(١) (ن): «محالًا» ظنَّه خبر كان.
(٢) في الأصل: «يخلو»، سهو من الناسخ.
(٣) (ق، ب، ط): «فالآية»، تحريف.
(٤) «هذا» ساقط من الأصل.
(٥) تقدم تخريجه من حديث عمر رضي الله عنه (ص ٤٥٥).
(٦) هذه الجملة محرَّفة في (ب، ج، ن).