للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكم ميثاقًا أَخذَه من أممهم بعدَهم. يدلُّ على ذلك قوله: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}، ثم قال للأمم (١): {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٨١]. فجعل سبحانه بلوغ الأممِ كتابَه المنزّلَ على أنبيائهم حجةً عليهم كأخذ الميثاق عليهم، وجَعَل معرفتَهم به إقرارًا منهم.

قلت: وشبيهٌ به أيضًا قوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [المائدة: ٧]. فهذا ميثاقُه الذي أخذه عليهم بعد إرسال رسله (٢) إليهم بالإيمان به وتصديقِه.

ونظيرُه قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد: ٢٠]. وقوله: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس: ٦٠، ٦١]. فهذا (٣) عهدُه إليهم على ألسنة رسله.

ومثله: قوله لبني إسرائيل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠].

ومثله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَه} (٤) [آل عمران: ١٨٧]، وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ


(١) (ط): «للأمة».
(٢) (ب، ط، ن، ج): «رسوله».
(٣) في الأصل: «فهذه».
(٤) كذا وردت الآية في جميع النسخ على قراءة أبي عمرو، وهي قراءة ابن كثير وشعبة عن عاصم أيضًا. وقرأ الباقون: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} بالتاء في الفعلين. الإقناع (٦٢٥).