للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الأصَمُّ (١) لا يثبتُ الحياة والروح شيئًا غيرَ الجسد، ويقول: ليس أعقِلُ إلا الجسدَ الطويل العريض العميق الذي أراه وأشاهده. وكان يقول: النفسُ هي هذا البدن بعينه لا غير، وإنما جرى عليها هذا الذكر (٢) على جهة البيان والتأكيد لحقيقة الشيء، لا على أنها معنًى غيرُ البدن.

وذكر عن أرِسْطاليس (٣): أن النفس معنًى مرتفعٌ (٤) عن الوقوع تحت النشوء والكون (٥)، وأنها جوهر منبسط (٦) مُنبَثٌّ في العالم كلِّه من الحيوان على جهة الإعمال له والتدبير، وأنه لا تجوز عليه صفة قلَّةٍ ولا كثرة. قال: وهي على ما وصفت من انبساطها في هذا العالم غيرُ منقسمةِ الذاتِ والبِنْية، فإنها (٧) في كل حيوان العالم بمعنًى واحدٍ لا غير.

وقال آخرون: بل النفس معنًى موجودٌ ذاتُ حدود (٨) وأركان، وطول


(١) أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان. في طبقات المعتزلة (٥٦) أنه كان من أفصح الناس وأفقههم وأورعهم، وله تفسير عجيب. وفي الفهرست (٢١٤) أنه توفي سنة ٢٠٠، وقيل: ٢٠١.
(٢) «الذكر» ساقط من (أ، غ).
(٣) هذا في الأصل، وفي (ق، ن، غ): «أرسطاطاليس». وهما وجهان معروفان، ولكن في (ب، ط): «أرطاطاليس»!
(٤) «مرتفع» ساقط من الأصل.
(٥) «الكون» من (ن)، و «النشوء» من الأصل. وتصحفتا في غيرهما والنسخ المطبوعة إلى «النسق واللون». وفي المقالات: «تحت التدبير والنشوء والبلى، غير داثرة».
(٦) هذه قراءة الأصل و (غ)، ويؤيدها قوله: «انبساطها». وفي النسخ الأخرى والمقالات: «بسيط».
(٧) ما عدا الأصل: «وإنها».
(٨) «حدود» ساقط من الأصل.