للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعراض البدن، أو جوهرٍ مجرد ليس بجسم ولا حالٍّ فيه، لكان قول القائل: خرجتُ، وذهبتُ، وقمت، وجئت (١)، وقعدت، وتحرَّكت، ودخلت، ورجعت (٢)، ونحو ذلك كلُّه= أقوالاً باطلة؛ لأن هذه الصفات ممتنعة الثبوت في حق الأعراض والمجرَّدات. وكلُّ عاقل يعلم صدقَ قوله وقول غيره ذلك. فالقدْحُ في ذلك قدحٌ في أظهر المعلومات، فهو من باب السَّفسَطة.

ولا يقال: حاصلُ هذا الدليل التمسكُ بألفاظ الناس وإطلاقاتهم، وهي تحتمل الحقيقة والمجاز، فلعل مرادَهم: دخَلَ جسمي وخرَجَ؛ لأنا إنما استدللنا بشهادة العقل والفِطَر بمعاني هذه الألفاظ، فكلُّ أحد يشهد عقلُه وحسُّه بأنه هو الذي دخَلَ وخرَجَ وانتقَلَ، لا مجرد بدنه، فشهادةُ الحسِّ والعقل بمعاني هذه الألفاظ وإضافتُها إلى الروح أصلاً وإلى البدن تَبَعًا من أصدق الشهادات. [١٢٦ ب] والاعتمادُ على ذلك، لا على مجرَّدِ الإطلاق اللفظي.

الوجه السابع بعد المائة: أن البدن مَرْكَبٌ ومحلٌّ (٣) لتصرف النفس، فكان دخولُ البدن وخروجُه وانتقالُه جاريًا مجرَى دخولِ مركَبِه من فرسه ودابته. فلو كانت النفس (٤) غيرَ قابلةٍ للدخول والخروج والانتقال والحركة


(١) (ب، ط، ج): «قمت وجئت».
(٢) (ب، ط، ج): «رفعت».
(٣) في جمع النسخ ما عدا (ن): «مركبًا ومحلَّا». ولعل ناسخ (ن) أصلح ما وقع في أصله من السهو. وقد أصلح ناسخ (ج) أيضًا ولكن بتغيير «البدن» إلى «للبدن»، فأحال المعنى.
(٤) «فكان ... النفس» ساقط من (ب). وكلمة «غير» بعده ساقطة من (ق).