للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروح عَرَضًا أو أمرًا مجرَّدًا لحصل الشكّ المذكور.

الوجه التاسع بعد المائة: أنَّ كل أحد يقطع أن نفسه موصوفة بالعلم والفكر والحب والبغض والرضا والسخط وغيرها من الأحوال النفسانية، ويعلم أن الموصوف بذلك ليس عَرَضًا [١٢٧ أ] من أعراض بدنه، ولا جوهرًا مجرَّدًا منفصلًا عن بدنه غيرَ محايثٍ (١) له، ويقطع ضرورةً بأن هذه الإدراكات لأمرٍ داخلٍ في بدنه، كما يَقْطع بأنه إذا سمع، وأبصر، وشمَّ، وذاق، ولمس، وتحرَّك، وسكن= فتلك أمورٌ قائمة به، مضافةٌ إلى نفسه؛ وأن جوهر النفس هو الذي قام به ذلك كلُّه، لم يقم بمجرَّده (٢)، ولا بعرَضٍ، بل قام بمتحيِّزٍ داخلَ العالم، منتقلٍ من مكان إلى مكان، يتحرَّك ويسكن، ويخرج ويدخل. وليس إلا هذا البدنَ، والجسمَ الساريَ فيه المشابكَ له الذي لولاه لكان بمنزلة الجماد.

الوجه العاشر بعد المائة: أنَّ النفس لو كانت مجرَّدةً، وتعلُّقُها بالبدن تعلُّقُ التدبير فقط، كتعلق الملَّاحِ بالسفينة، والجمَّالِ بجمله= لأَمكَنها تركُ تدبير هذا البدن، واشتغالُها بتدبيرِ بدنٍ آخرَ، كما يمكن الملَّاحَ والجمَّالَ ذلك. وفي ذلك (٣) تجويزُ تنقُّلِ النفوس من أبدان إلى أبدان.

ولا يقال: إنَّ النفسَ اتَّحدت ببدنها، فامتنع عليها الانتقالُ؛ أو أنها لها عِشقٌ طبيعي وشوقٌ ذاتي إلى تدبير هذا البدن، فلهذا السبب امتنع انتقالُها.


(١) في (ن): «مجاذب»، وفي غيرها: «محارب». وفي حاشية (غ): «لعله محايث». وهو الذي رجَّحته. وفي النسخ المطبوعة: «مجاور».
(٢) (ب، ط، ج): «بمجرَّد».
(٣) «وفي ذلك» ساقط من (أ، ط). و «في» ساقطة من (ب، ج).