للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني عشر: أنه لو كان محلُّ الإدراكات جسمًا، وكلُّ جسم ينقسمُ (١) لا محالةَ، لم يمنع (٢) أن يقوم ببعض أجزاء الجسم عِلْمٌ بالشيء، وبالبعض الآخر منه جهلٌ، وحينئذٍ فيكون الإنسان في الحال الواحد عالمًا بالشيء، وجاهلاً به.

الثالث عشر: أن المادة الجسمانية إذا حصلت فيها نفوس مخصوصة، فإنَّ وجود تلك النفوس فيها يمنع من حصول نفوسٍ غيرها. وأما النفوسُ العقلية فبالضدِّ من ذلك [١٣٠/ب]؛ لأنَّ النفس (٣) إذا كانت خاليةً من جميع العلوم والإدراكات فإنه يصعب عليها التعلُّمُ. فإذا تعلمت شيئًا صار حصولُ تلك العلوم مُعينًا على سهولة غيرها. فالنفوسُ (٤) الجسمانيةُ متغايرة متنافية، والنفوسُ العقليةُ متعاونة متعاضدة.

الرابع عشر: أن النفس لو كانت جسمًا لكان بين إرادةِ العبد تحريكَ رجله وبين تحريكِها زمانٌ على قدْرِ حركة الجسم وثِقَله (٥). فإن النفس هي المحركةُ للجسم والمريدةُ لحركته، فلو كان المحرِّك للرجل جسمًا، فإما أن يكون حاصلاً في هذه الأعضاء، أو جائيًا إليها. فإن كان جائيًا إليها احتاج إلى مدَّة، ولابدَّ. وإن كان حاصلاً فيها، فنحن إذا قطعنا تلك العضَلَة (٦) التي


(١) كذا في الأصل و (غ). وفي غيرهما: «منقسم».
(٢) ما عدا الأصل و (غ، ق): «لم يمتنع».
(٣) (أ، ق، غ): «الأنفس». وقد سقط بعده «إذا كانت» من (ب، ط، ج).
(٤) في الأصل: «فالنفس»، وهو سهو. وكذا في (ق، غ).
(٥) الأصل غير منقوط. وفي (ج) والنسخ المطبوعة كما أثبتنا. وفي غيرها: «نقله».
(٦) (ب، ط، ج): «الأعضاء».