للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الوجود ما لا يقبلُ القسمة الحسية ولا الوهمية وإنما بأيديكم دعاوٍ لا حقيقةَ لها. وإنما أثبتُّموه من واجب الوجود، وهو (١) بناء على أصلكم الباطل عند جميع العقلاء من أهل الملل وغيرهم من إنكار ماهيةِ الربِّ تعالى وصفاتِه (٢)، وأنه وجودٌ مجرَّد لا صفةَ له ولا ماهية. وهذا قولٌ باينتم به العقولَ، وجميعَ الكتب المنزلة من السماء، وإجماعَ الرسل؛ ونفيتم به علمَ الله، وقدرته، ومشيئته، وسمعه وبصره، وعلوَّه على خلقه، ونفيتم به خلقَ السماوات والأرض في ستة أيام. وسمَّيتموه توحيدًا، وهو أصل كلِّ تعطيل.

قالوا: والنقطة التي استدللتم بها هي من أظهرِ ما يُبطِل دليلَكم، فإنها غيرُ منقسمةٍ، وهي حالَّةٌ في الجسم المنقسم، فقد حلَّ في المنقسم ما ليس بمنقسم.

ثم إن مثبتي الجوهر الفَرْد ــ وهم جمهور المتكلمين ــ ينازعونكم في هذا الأصل ويقولون: الجوهر (٣) حالٌّ في الجسم، بل هو مركَّب منه، فقد حلَّ في المنقسم ما ليس بمنقسم.

ولا يمكن تتميمُ (٤) دليلِكم إلا بنفي الجوهر الفرد. فإن قلتم: النقطةُ عبارة عن نهاية الخط وفنائه وعدمه، فهي أمر عدمي؛ بطَلَ استدلالُكم بها. وإن كانت أمرًا وجوديًّا، فقد حلَّت في المنقسم. فبطل الدليل على التقديرين.


(١) (ب، ط، ج): «وما أثبتموه ... فهو». (ن): «وإن ما».
(٢) (ط): «صفات ذاته».
(٣) «الفرد ... الجوهر» ساقط من (ط).
(٤) (ب، ط): «تعليل»، ولعله تحريف «تكميل».