للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمنع العقل من الاستكمال، فإذا حصلت الشيخوخة وحصل الضعف، حصل بسبب الضعف ضعفٌ في هذه القوى المانعة للعقل من الاستكمال، وحصل في العقل أيضًا ضعفٌ، ولكن بقدر (١) ما حصَلَ في العقل من الضَّعف حصل ذلك في أضداده، فينجبر (٢) النقصانُ من أحد الجانبين بالنقصان من الجانب الآخر، فيقع الاعتدال.

الوجه الخامس: أنَّ الشيخ حفِظ العلومَ والتجاربَ الكثيرة، ومارَس الأمور ودَرِبَها وكثرت تجاربه، وهذه الأحوال تعينه (٣) على وجوه الفكرِ وقوةِ النظر، فيقاوم النقصان الحاصل بسبب ضعف البدن والقُوى.

الوجه السادس: أن كثرةَ الأفعال سبب (٤) لحصول المَلَكات الراسخة [١٣٧ أ]، فصارت الزيادة الحاصلة بهذا الطريق جابرةً للنقصان الحاصل بسبب اختلال البدن.

الوجه السابع: أنه قد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يهرمُ ابن آدم وتشِبُّ فيه (٥) خصلتان: الحرص، وطول الأمل» (٦). والواقع شاهد لهذا


(١) ما عدا (ب، ط، ج): «بعد».
(٢) (ب، ط، ج): «فيتميز»، تصحيف.
(٣) ما عدا الأصل و (ق، غ): «معينة».
(٤) «سبب» ساقط من الأصل و (غ).
(٥) (ب، ط): «معه». ولعل ما ورد في النسخ مصحف عن «منه».
(٦) أخرجه البخاري (٦٤٢١) ومسلم (١٠٤٧) من حديث أنس. ولفظ مسلم: «وتشبُّ منه اثنتان: الحرص على المال، والحرص على العمر». ولفظ البخاري: «يكبر ابن آدم، ويكبر معه اثنتان: حبّ المال، وطول العمر». والقريب من لفظ المؤلف ورد في السنن الكبرى للبيهقي (٦٢٩٨): « ... ويبقى منه اثنتان».