للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطلق على الروح وحدها، كقوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: ٢٧]، وقوله: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: ٩٣]، وقوله: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: ٤٠]، وقوله: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣].

وأما الروح فلا تطلق على البدن، لا بانفراده، ولا مع النفس.

وتطلق الروح على القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله. قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: ٥٢]. وعلى الوحي الذي يوحيه إلى أنبيائه ورسله. قال تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: ١٥]. وقال: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: ٢].

وسمَّى ذلك (١) روحًا لما يحصل به من الحياة النافعة، فإن الحياة بدونه لا تنفع صاحبَها البتة، بل حياةُ الحيوان البهيم خيرٌ منها وأسلَمُ عاقبة.

وسُمِّيت الروح روحًا لأنَّ بها حياة البدن. وكذلك سُمِّيت الريح لِما يحصل بها من الحياة. وهي من ذوات الواو، ولهذا تُجمَع على أرواح. قال الشاعر (٢):


(١) «ذلك» ساقط من الأصل.
(٢) لم أجد البيت على الوجه المذكور هنا.
والبيت الذي استشهدوا به على جمع الريح على «أرواح» قول ذي الرمة من قصيدة في ديوانه (٦٩٤):
إذا هبَّت الأرواحُ مِن نحوِ جانبٍ ... به أهلُ مَيٍّ هاجَ شوقي هبوبُها =

انظر: النكت والعيون (١/ ٢١٧)، ودرّة الغواص (١٩٠).
وقد ورد في الأشباه والنظائر للخالديين (١/ ٨٢) قبل بيت ذي الرمة قول بعضهم:
إذا الريحُ من أرض الحجاز تنسَّمتْ ... وجدتُ لِمَسْراها على كبدي بَرْدا

وهو يُنسب إلى علي بن علقمة وغيره. انظر تخريجه في الأشباه والحماسة البصرية (١١٧٩). ولعل البيت الذي أورده المصنف ملفق من عجز هذا البيت وصدر بيت ذي الرمة.