للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المغترُّون: إنَّ الذين ضيَّعوا أوامره، وارتكبوا نواهيَه، فاتبعوا (١) ما أسخطه، وتجنَّبوا ما يرضيه= أولئك يرجون رحمته؛ وليس هذا ببِدع من غرور النفس والشيطان لهم. فالرجاءُ لعبدٍ قد امتلأ قلبه من الإيمان بالله واليوم الآخر، فمَثَّل (٢) بين عينيه ما وعَده الله من كرامته وجنته، فامتدَّ القلبُ مائلًا إلى ذلك شوقًا إليه وحِرصًا عليه. فهو شبيهٌ بالمادِّ عنقَه إلى مطلوبٍ قد صار نُصْبَ عينيه.

وعلامة الرجاء الصحيح أنَّ الراجي ــ لخوفِ (٣) فَوتِ الجنة وذهابِ حظِّه منها ــ يترك (٤) ما يخاف أن يحول بينه وبين دخولها. فمَثَلُه مَثلُ رجلٍ خطَب امرأةً كريمةً في منصبٍ وشرفٍ إلى أهلها، فلما آن وقتُ العقد واجتماعِ الأشراف والأكابر وإتيانِ (٥) الرجل إلى الحضور= أُعلِمَ عَشيَّةَ ذلك اليوم ليتأهبَ للحضور، فيراه أهل (٦) المرأة وأكابرُ الناس، فأخذ في


(١) ما عدا الأصل: «واتبعوا».
(٢) الضبط من (غ، ن).
(٣) صحَّفه بعض النسَّاخ إلى «نخوف» (ن، غ) و «بخوف» (ق). وكتب بعض من قرأ «ن» على طرتها: «بيان: يخاف»، وكذا «يخاف» في النسخ المطبوعة.
(٤) (ن، غ): «بترك». وكذا في النسخ المطبوعة نتيجة لإثبات «يخاف» في السطر السابق.
(٥) في الأصل: «وأتى» دون نقط. وفي (ن، ز) كذا بالتاء. وقراءة (غ، ق): «وافى». وفي (ب): «وأذعن»، و (ج): «ودُعِي»، و (ط): «وأبى الرجال إلا الحضور». وهذه القراءات الثلاث حاولت إصلاح النص. وفي (ن، ز): «فلما أن وقع العقد، واجتمع ... وأتى» أخطأ في قراءة «آن» فغيَّر في المتن. وكلمة «أتى» قلقة، ولعل المصنف كتب الفعل سهوًا وأراد المصدر كما أثبتنا من النسخ المطبوعة.
(٦) لم ترد كلمة «أهل» في الأصل، ولا في (ق، غ).