للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن عبادة القلوب هي الأصل كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ في الجسد مُضغَة إذا صَلَحَت صَلَحَ الجَسدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا وهْيَ القَلبُ" (١) " (٢).

ويقول ابن العربي في معنى كون تعظيم الشعائر من تقوى القلوب: "يريد: فإن حالة التعظيم إذا كست العبد باطنًا وظاهرًا، فأصله تقاة القلب بصلاح السر، وإخلاص النية؛ وذلك لأن التعظيم فعل من أفعال القلب، وهو الأصل لتعظيم الجوارح بالأفعال" (٣).

ويقول ابن عاشور في تعليل إضافة التقوى إلى القلوب من قوله تعالى: {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)} [الحج: ٣٢]: " وإضافة (تقوى) إلى (القلوب)؛ لأنّ تعظيم الشعائر اعتقاد قلبي ينشأ عنه العمل" (٤).

ثالثًا: إن التحقير والاستهانة والاستهزاء بالله تعالى أو برسوله أو بدين الإسلام كفر مخرج عن ملة الإسلام كما سبق تقرير.

يقول الشيخ السعدي: "فإن الاستهزاء بالله ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظم الله، وتعظيم دينه، ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة" (٥).


(١) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٨٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه (١/ ٢٨)، برقم (٥٢)، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات (٣/ ١٢١٩)، برقم (١٥٩٩)، ولفظه: "ألا وإنّ في الجسد مضغة".
(٣) أحكام القرآن، لابن العربي (٣/ ٢٨٨)، ولذا يقول الرازي: "وإنما ذكرت القلوب؛ لأن المنافق قد يزهر التقوى من نفسه، ولكن لما كان قلبه خاليًا عنها لا جرم، لا يكون مجدًا في أداء الطاعات، أما المخلص الذي تكون التقوى متمكنة في قلبه فإنه يبالغ في أداء الطاعات على سبيل الإخلاص". [التفسير الكبير (٢٣/ ٢٩)].
(٤) التحرير والتنوير، لابن عاشور (١٧/ ٢٥٧).
(٥) تفسير السعدي (ص ٣٤٢ - ٣٤٣).