للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوجبتم كل تعظيم لزمكم أن توجبوا السجود لقبره، وتقبيله، واستلامه، والطواف به؛ لأنه من تعظيمه، وقد أنكر -صلى الله عليه وسلم- على من عَظَّمَه بما لم يأذن به كتعظيم من سجد له، ... فمن عَظَّمَه بما لايحب فإنما أتى بضد التعظيم" (١).

ويقول ابن الحاج: "لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ مُتَلَقَّاةٌ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ - صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ - وَقَدْ بَيَّنَ - عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا تَفْعَلُهُ أُمَّتُهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وأَوَانٍ، وَأَيْضًا فَيَسَعُنَا فِيهَا مَا وَسِعَ السَّلَفَ إنْ كُنَّا صَالِحينَ؛ لِأنَّ تَعْظِيمُ الشَّعَائِرِ وَاحْتِرَامَها عَنْهُم يُؤْخَذُ وَمِنْهُمْ يُتَلَقَّى، لَا بِمَا سَوَّلَتْ لَنَا أَنْفُسُنَا، وَمَضتْ عَلَيْهَا عَادَتُنَا؛ لِأَنَّ الْحَكَمَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ، فَهُوَ الَّذِي يُتَّبَعُ لَا الْعَوَائِدُ، أَعَاذَنَا اللهُ مِنْ بَلَائِهِ بِمَنِّهِ" (٢).

ويقول رحمه الله أيضًا في معرض مناقشته لبعض أهل العلم في مسألة القام للقادم: "وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ رحمه الله (٣) مُسَلَّمٌ لَا يُنَازَعُ فِيهِ، إِلَّا أَنَّ تَعْظِيمَ الْحُرَمَاتِ وَالشَّعَائِرِ قَدْ عُرِفَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْقِيَامِ فِيهَا مَجَالٌ" (٤).

ولا يكفي في ذلك كون نية الشخص صالحة، وأنه أراد بهذا العمل تعظيم الله تعالى؛ لأن التعظيم إذا لم يكن أصله شرعيًا، موافقًا للكتاب والسُّنَّة انقلب إلى تنقيص وتحقير، ولا مجال للنية الصالحة مع المخالفة (٥).

خامسًا: إن القطع بكون هذا المكان، أو الزمان من شعائر الله لا بد فيه من دليل شرعي يثبت ذلك، بحيث يكون علمًا ظاهرًا للحواس،


(١) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص ٤٤٧).
(٢) المدخل، لابن الحاج (٤/ ٢٥٠ - ٢٥١).
(٣) المقصود هنا هو أبو الوليد الباجي.
(٤) المدخل، لابن الحاج (١/ ١٨١).
(٥) تيسير العزيز الحميد (ص ٢٢٠).