للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه فتجعلون له ندًّا من وثن وصنم وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلهًا" (١).

ويقول الرازي في معنى الآية: "قل يا محمد لهؤلاء الكفار: إن أتاكم عذاب الله في الدنيا، وأتاكم العذاب عند قيام الساعة، أترجعون إلى غير الله في دفع ذلك البلاء والضر، أو ترجعون فيه إلى الله تعالى، ولما كان من المعلوم بالضرورة أنهم إنما يرجعون إلى الله تعالى في دفع البلاء والمحنة، لا إلى الأصنام والأوثان، لا جرم قال: { ... تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}، يعني: أنكم لا ترجعون في طلب دفع البلية والمحنة إلا إلى الله تعالى" (٢).

وقال الشيخ السعدي في تفسير الآية: "فإذا كانت هذه حالكم مع أندادكم عند الشدائد: تنسونهم، لعلمكم أنهم لا يملكون لكم ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وتخلصون لله الدعاء؛ لعلمكم أنه هو الضار النافع، المجيب لدعوة المضطر، فما بالكم في الرخاء تشركون به، وتجعلون له شركاء، هل دلكم على ذلك عقل، أو نقل، أم عندكم من سلطان بهذا، أم تفترون على الله الكذب" (٣).

وقال أبو حيان: "وظاهر قوله: {وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)} النسيان حقيقة والذهول والغفلة عن الأصنام، لأن الشخص إذا دهمه ما لا طاقة له بدفعه تجرد خاطره من كل شيء إلا من الله الكاشف لذاك الداهم، فيكاد يصير الملجأ إلى التعلق بالله والذهول عن من سواه، فلا يذكر غير الله القادر على كشف ما دهم" (٤).


(١) تفسير الطبري (٧/ ١٩٢)، وانظر: تفسير القرطبي (٦/ ٤٢٣).
(٢) التفسير الكبير (١٢/ ١٨٤).
(٣) تفسير السعدي (ص ٢٥٦).
(٤) تفسير البحر المحيط (٤/ ١٣٣)، وانظر: تفسير الثعلبي (٤/ ١٤٧).