للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنه قوة ضرورية للوجود، بها يصح درك الأشياء، ويتوجه تكليف الشرع، وهو ما يعرفه كل إنسان من نفسه ولا يستدل عليه بغيره، وقيل: هو نور يضاء به طريق إصابة الحق، والمصالح الدينية والدنيوية، فيدرك القلب به كما يدرك العين بالنور الحسي المبصرات، وقيل: هو صفة إذا ثبتت تأتَّى بها التوصل إلى العلوم النظرية، ومقدماتها من الضروريات التي هي مستند النظريات، وقيل: العقل هو ما يحجز الإنسان عن فعل ما لا ينبغي؛ وهو خلاف الذكاء، فالذكاء هو سرعة البديهة، والفهم؛ وقد يكون الإنسان ذكيًا، ولكنه ليس بعاقل (١).

ويمكن إرجاع ما سبق من تفسيرات للعقل إلى ثلاثة معانٍ:

الأول: القوة الغريزية التي في الإنسان، وبها يعلم ويميز ويقصد المنافع ويحذر المضار.

الثاني: العلم الذي ناله بواسطة هذه القوة، سواء كان علمًا ضروريًا أم نظريًا.

الثالث: العمل بمقتضى وموجب ذلك العلم (٢).

ولذا قسم بعضهم (٣) العقل من حيث آثاره وفوائده إلى قسمين:

الأول: عقل إدراك: وهو العقل المشترك الذي عند كل أحد، ما لم يكن مسلوبًا بجنون، أو قاصرًا لصغر السن، وهو الذي يميز به الناس


(١) انظر: قواطع الأدلة في الأصول، للسمعاني (١/ ٢٨)، وإحياء علوم الدين (١/ ٨٦)، والبرهان في أصول الفقه (١/ ٩٦)، وأعلام النبوة، للماوردي (ص ٢٧)، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (١/ ٥٠)، وكشف الأسرار (٢/ ٥٧٥)، ومفتاح دار السعادة (ص ١٢٥)، ومجلة الجامعة الإسلامية أمقال بعنوان: التربية الإبداعية عدد (١١٦)].
(٢) انظر: الإحياء للغزالي (١/ ٨٦)، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (١/ ١٥٨).
(٣) انظر: بحث بعنوان: (التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية) للدكتور خالد الحازمي، بمجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عدد (١١٦)، (ص ٤٥٣ - ٤٥٤).