للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الأشياء؛ في الكثرة، والقلة، والأعداد، والأحجام، ونحو ذلك. وهذا عند المسلم والكافر، وليس له علاقة بالديانة.

الثاني: عقل رشد: وهو الذي يعلم به صاحبه فيعمل، وهو العقل الصحيح الذي يقبل الحق إذا علمه، ويبتعد عن الشر إذا عرفه، فالذي يعلم الحق ولا يعمل به ليس لديه عقل رشد، وإنما لديه عقل إدراك، حيث أدرك به العلم، ولم يسترشد بذلك ويرشد.

يقول الإمام ابن تيمية: "والمقصود هنا أن اسم العقل عند المسلمين وجمهور العقلاء إنما هو صفة، وهو الذي يسمى عرضًا قائمًا بالعاقل، وعلى هذا دل القرآن، .. وإذا كان كذلك؛ فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه، ولا العمل بلا علم، بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به والعمل بالعلم" (١).

فهؤلاء الكفار لديهم عقل إدراك الذي هو مناط التكليف، ولكنهم فقدوا عقل الرشد بسبب عدم اتباعهم الحق بعد أن تبين لهم.

فالعقل النافع الممدوح هو العلم المستلزم للعمل المصاحب للانقياد والتطبيق، وهو بخلاف الذكاء الذي هو سرعة البديهة وبخلاف مطلق التمييز كذلك.

يقول الإمام ابن حزم (٢): "والعقل هو استعمال الطاعات والفضائل، وهو غير التمييز؛ لأنَّهُ استعمال ما ميز الإنسان فَضلَهُ، فكل


(١) مجموع الفتاوى (٩/ ٢٨٦ - ٢٨٧).
(٢) هو: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف، الفارسي الأصل، الأموي مولاهم، الظاهري، الأندلسي القرطبي، أديب، أصولي، محدث حافظ، ألف كتبًا كثيرة منها: الفصل في الملل والأهواء والنحل، والإحكام في أصول الإحكام، والمحلى بالآثار، توفي رحمه الله سنة ٤٥٦ هـ، وقيل: ٤٥٧ هـ. [انظر ترجمته في: شذرات الذهب (٣/ ٢٩٩)، والبلغة في تراجم أئمة النحو واللغة (ص ١٤٦)، وسير أعلام النبلاء (١٨/ ١٩٨)].