للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" (١)، وهو ادعاء معرفة المغيبات عن طريق النجوم، وهو نوع من السحر، وهو ثلاثة أنواع؛ واحد جائز: وهو ما يسمى بعلم التسيير. وهو أن يعلم النجوم وحركات النجوم؛ لأجل أن يعلم القبلة والأوقات، وما يصلح من الأوقات للزرع وما لا يصلح، والاستدلال بذلك على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي أجرى فيه سُنَّته أنه يحصل فيه من المطر كذا ونحو ذلك، واثنان ممنوعان وهما:

الأول: اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن الحوادث الأرضية منفعلة ناتجة عن النجوم وعن إراداتها، وهذا تأليه للنجوم.

الثاني: ما يسمى بعلم التأثير؛ وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروبها على ما سيحصل في الأرض في المستقبل (٢).

ولا شكَّ أن هذا النظر في النجوم، والتوصل بها إلى معرفة الغيوب من ادعاء علم الغيب، وهو نوع من السحر والكهانة، ولا شكَّ أن هذا مناف للتوحيد؛ لما فيه من التعلق بغيره عَزَّ وَجَلَّ، واختصاصه بعلم الغيب، كما أن فيه إفسادًا للعقل وتسفيه له لما فيه من تصديق الكهنة والمنجمين فيما توحيه إليهم الشياطين.

يقول الشيخ السعدي: "الشجيم نوعان: نوع يسمى علم التأثير: وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الكونية، فهذا باطل ودعوى لمشاركة اللَّه في علم الغيب الذي انفرد به، أو تصديق لمن ادعى ذلك، وهذا ينافي التوحيد لما فيه من هذه الدعوى الباطلة، ولما فيه من


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٣١١)، برقم (٢٨٤١)، وأبو داود في سننه (٤/ ١٦)، برقم (٣٩٠٥)، وصححه العراقي في المغني عن حمل الأسفار (٢/ ١٠٢٩).
(٢) انظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص ٣٤٤).