للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الله جلَّ ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمدًا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب الله، الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه، واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله -صلي الله عليه وسلم- وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله -صلي الله عليه وسلم-" (١).

فبهذين الاعتبارين يصح أن يقال بأن في الدين باطنًا، ولكن المحظور في ذلك هو جعل الباطن مخالفًا للظاهر، ولم يبلغه النبي -صلي الله عليه وسلم- لأمته، والله أعلم.

سابعًا: بيانه -صلى الله عليه وسلم- لهذا الدين لم يكن من عند نفسه، بل كله كان وحيًا من عند ربه تبارك وتعالى، ولذا قال -سبحانه وتعالي-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤]، وقال -عز وجل-: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)} [الحاقة: ٤٤ - ٤٦].

يقول الإمام الزهري (٢): "من الله الرسالة، وعلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم-


= وقامع البدعة ومزهقها، قال فيه الإمام الشافعي: "أحمد إمام في ثماني خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السُّنَّة". من أشهر مؤلفاته: المسند، وفضائل الصحابة، توفي سنة ٢٤١ هـ. [انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (١/ ٤)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ٤٣١)].
(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٢/ ٢٩٠).
(٢) هو: الإمام محمد بن مسلم بن عبد الله الزهري، كان إمامًا حافظًا، مات سنة أربع أو ثلاث وعشرين ومائة. [انظر: سير أعلام النبلاء (٥/ ٣٢٦)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٠٨)].