للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسباب الدعوة، وأعظمهم رغبة وأتمهم نصيحة" (١).

ويقول -رحمه الله- في صفة كلام النبي -صلي الله عليه وسلم-: "كان أفصح خلق الله وأعذبهم كلامًا وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقًا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب، ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه، وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد" (٢).

وقال -رحمه الله- أيضًا: "فما الظن بأفضل الأنبياء، وأعلمهم، وأكملهم بيانًا، وأتمهم فصاحة، وأقدرهم على التعبير عن المعنى باللفظ الذي لا يزيد عليه ولا ينقص عنه، ولا يوهم غيره، وأحرصهم على تعليم الأمة وتفهيمهم ... " (٣).

فهو كلام المعصوم في منطقه، وعلمه، وقصده، وعمله، وكل كلمة منه جاءت في موضعها، ومنزلتها، ومقرها، لا يتعدى بها عنه، ولا يقصر بها (٤).

يقول الجاحظ (٥) عند ذكره لصفة كلامه -صلى الله عليه وسلم-، وما تضمنه من البلاغة والإعجاز: "وأنا اذكر بعد هذا فنًا آخر من كلامه -صلى الله عليه وسلم -؛ وهو الكلام الذي قلَّ عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجلَّ عن الصنعة، ونزه عن التكلف، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: {قُل} يا محمد:


(١) الصواعق المرسلة (٢/ ٥٦١ - ٥٦٢).
(٢) زاد المعاد (١/ ١٨٢).
(٣) الصواعق المرسلة (٢/ ٦٤٥).
(٤) طريق الهجرتين (ص ٣٦٨).
(٥) هو: العلامة المتبحر ذو الفنون أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ثم الفقمي، أحد النسابين، البصري، المعتزلي، صاحب التصانيف، أخذ عن النظام، وروى عن أبي يوسف القاضي، كان أحد الأذكياء، سريع الحفظ، قال عنه الذهبي: "وكان واسع النقل، كثير الإطلاع، من أذكياء بني آدم، وأفرادهم، وشياطينهم"، وقال أبو العباس ثعلب: "ليس بثقة ولا مأمون"، ولد في أول سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس وخمسين ومائتين في خلافة المعتز. [انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١١/ ٥٢٦)، وتاريخ الإسلام (١٨/ ٣٧٢)، ومعجم الأدباء (٤/ ٤٧٣ - ٤٧٤)].