للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعبادة" (١).

والمعنى: أن الله خلقهم ليعبدوه ففعل بعضهم، وقام بالعبادة، وترك البعض فلم يعبد الله (٢).

الثاني: وهو مروي عن علي بن أبي طالب (٣)، ومجاهد أيضًا؛ قال: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}؛ "أي: إلا لآمرهم بعبادتي؛ فيعبدني من وفقته منهم لعبادتي دون غيره" (٤).

فعبر عن الأمر والإيجاب بالعبادة، وهي ثمرته ومقتضاه.

ويمكن توجيه هذا القول بأن فعل العبادة هو الغاية من الخلق، ولكن هذه العبادة لا تحصل ولا تصح إلا بأمره سبحانه الشرعي الديني، فصارت العبادة مشروطة وجودًا واعتبارًا بورود الأمر بها من الله تعالى.

ولذا جاء البيان من الله تعالى بأن عبادته -سبحانه وتعالي- هي غاية الأمر كما أنها غاية الخلق، فقال -سبحانه وتعالي-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١].

يقول ابن القيم: "فهذه المعرفة وهذه العبودية هما غاية الخلق والأمر" (٥).


= أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إليّ في أبي العالية، وقال النسائي: ليس به بأس. توفي سنة ١٣٩ هـ، وقيل: ١٤٠ هـ. [انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٦/ ١٦٩)، وتهذيب التهذيب (٣/ ٢٣٨)].
(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٣٩)، وانظر: درء التعارض (٨/ ٤٧٨).
(٢) انظر: صحيح البخاري (٤/ ١٨٣٧).
(٣) هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي، ابن عمر رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، أول الناس إسلامًا على قول الأكثر، ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فتربى في حجر رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، ولم يفارقه، وشهد معه المشاهد كلها إلا غزوة تبوك، وزوّجه النبي -صلي الله عليه وسلم- ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، ومناقبه -رضي الله عنه-كثيرة، توفي سنة ٤٠ هـ. [انظر ترجمته في: الاستيعاب (٣/ ٢٦)، والإصابة (٢/ ٥٠١)].
(٤) انظر: تفسير السمعاني (٥/ ٢٦٤)، وتفسير البغوى (٤/ ٢٣٥).
(٥) شفاء العليل (ص ٢٦٦).