للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرضية فقط، فتدبر" (١).

ويقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-: "وأما آثاره المكانية كمكانٍ سار فيه، أو بقعةٍ صلى فيها، أو أرضٍ نزل بها، فلم يعرف دليل شرعي يومئ أو يشير إلى أن بركة بدن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد تعدت إلى هذا المكان، فيكون مباركًا يشرع التبرك به، ولذا لم يكن يفعل هذا صحابته في حياته ولا بعد مماته.

فما سار فيه رسول الله أو نزل فيه فلا يجوز التبرك به؛ لأن هذا وسيلة إلى تعظيم البقاع التي لم يشرع لنا تعظيمها، ووسيلة من وسائل الشرك، وما تتبع قوم آثار أنبيائهم إلا ضلوا وهلكوا" (٢).

وأما ما استدل به البعض بما كان يفعله ابن عمر (٣) - رضي الله عنهما - من تتبعه لمواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- التي صلى فيها أو نزل فيها (٤)، فلا حجة في فعله -رضي الله عنه-، وقبل بيان ضعف هذه الحجة لا بد من تصور محل النزاع في هذه المسألة، وبيان ما كان يفعله ابن عمر -رضي الله عنهما- على وجه التحديد؛ لأن بعض الناس قد اتخذ من فعل ابن عمر ذريعة لتجويز أمور لا يستحلها ابن عمر -رضي الله عنه- ولا غيره من الصحابة، بحجة أن ابن عمر فعلها، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ثلاثة صور لتتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- ومواطن عبادته، وبيَّن أن الصورة الأولى هي التي كان ابن عمر يفعلها، بخلاف


(١) رحلة الصديق إلى البيت العتيق، لصديق حسن خان (ص ٢١).
(٢) هذه مفاهيمنا، صالح آل الشيخ (ص ٢٢٠ - ٢٢١).
(٣) هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى القرشي العدوي، ولد سنة ثلاث من البعثة النبوية، وكان من أهل الورع والعلم، كثير الاتباع لآثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، شديد الحرص على تحري أفعاله وسيرته، والتشبه به في سائر أحواله، وكان من المكثرين من الرواية عنه -صلى الله عليه وسلم-، توفي -رضي الله عنه- سنة ٧٢ هـ، وقيل: ٧٣ هـ. [انظر: الاستيعاب (٢/ ٣٣٣)، والإصابة (٢/ ٣٣٨)].
(٤) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- (١/ ١٨٣)، رقم (٤٦٩).