للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها" (١).

وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-: "وابن عمر ما كان يطلب بركة المكان، ولكنه يطلب تمام الاقتداء بكل ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع أحواله، حتى إنه أراد الصلاة في كل مكانٍ صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يتتبع ذلك ويعلمه، وما كان فعله -فيما يظهر- قصدًا للتبرك بالبقعة كما يفهمه المتأخرون، وإنما قصد تمام الاقتداء" (٢).

ويقول الدكتور ناصر الجديع: "إن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لا يقصد التبرك بالصلاة في المواضع التي صلى فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إنما كان قصده شدة الاقتداء والاتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم- والتشبه به، فهو حريص على بركة الاقتداء، لا على بركة المكان" (٣).

ثانيًا: أن اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا بموافقته في الظاهر والباطن؛ أي: في صورة العمل وقصده من العمل -كما مرَّ معنا من قبل- أما موافقته -صلى الله عليه وسلم- في ظاهر العمل ومخالفته في القصد والنية، فالصحيح من أقوال أهل العلم أن ذلك لا يعتبر اتباعًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، بل قد يكون من البدع المنهي عنها.

يقول الإمام ابن تيمية: "وذلك لأن المتابعة أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا فعل فعلًا على وجه العبادة شرع لنا أن نفعله على وجه العبادة، وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصصناه بذلك، كما كان يقصد أن يطوف حول الكعبة، وأن يستلم الحجر الأسود، وأن يصلي خلف المقام، وكان يتحرى الصلاة عند إسطوانة


(١) المصدر نفسه (ص ٤٢٣).
(٢) هذه مفاهيمنا، للشيخ صالح آل الشيخ (ص ٢٢٢).
(٣) التبرك أنواعه وأحكامه (ص ٣٥٠).