للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسجد المدينة، وقصد الصعود على الصفا والمروة، والدعاء، والذكر هناك، وكذلك عرفة ومزدلفة وغيرهما.

وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده؛ مثل أن ينزل بمكان ويصلى فيه لكونه نزله لا قصدًا لتخصيصه به بالصلاة والنزول فيه، فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه، أو النزول لم نكن متبعين، بل هذا من البدع" (١).

ثالثًا: أنه لم يوافق ابن عمر -رضي الله عنهما- على فعله هذا جمهور الصحابة، بل هذا مما انفرد به مخالفًا بذلك الغالب والمتواتر من فعل صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبناء على ذلك فالحجة في قول جمهور الصحابة؛ إذ إن قول الصحابي لا يعتبر حجة إذا خالفه صحابي آخر، فكيف والمخالفة وقعت من جمهورهم.

يقول الإمام ابن تيمية: "ولم يستحب ذلك جمهور العلماء، كما لم يستحبه ولم يفعله أكابر الصحابة؛ كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وغيرهم، لم يفعلوا مثل ما فعل ابن عمر، ولو رأوه مستحبًا لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والإقتداء به" (٢).

وقال - رحمه الله - أيضًا: "وإدن ادعى بعض الناس أن ابن عمر فعله، فقد ثبت عن أبيه عمر أنه نهى عن ذلك، وتواتر عن المهاجرين والأنصار:

أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك؛ فيمتنع أن يكون فعل ابن عمر -لو فعل ذلك- حجة على أبيه، وعلى المهاجرين والأنصار" (٣).

وقال الشيخ محمود شكري الألوسي (٤) في ترجيحه لفعل عمر بن


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٢٨٠)، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ٢٨٠).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٤٢٤).
(٤) هو: أبو المعالي السيد محمود شكري ابن السيد عبد الله بن السيد محمود (٥) شهاب الدين الألوسي، العالم العلامة، اللغوي، الأديب المصلح، ولد سنة =