للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطاب على ابنه عبد اللّه بن عمر -رضي الله عنهما-: "وما ذكره عمر هو الحريّ بالقبول، وهو مذهب جمهور الصحابة -غير ابنه-، وهو الذي يجب العمل به ويعول عليه" (١).

ويقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله-: "وإنما قصد -أي: ابن عمر- تمام الاقتداء، ولم يفعله غيره من صحابة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ولم يوافقوه، بل إن أباه نهى الناس عن تتبع الآثار المكانية، وقوله مقدم على رأي ابنه عند الخلاف باتفاق، وهو خلاف لا يقوم في مقابلة اتفاق عمل الصحابة على ترك ما فعله ابن عمر -رضي الله عنه-، ولا شك أن الصواب، والحق مع عمر -رضي الله عنه- وبقية الصحابة، وهو الحري بالاتباع، الفاصل عند النزاع، والله أعلم" (٢).

ثالثًا: لقد ظهر لنا بجلاء -مما سبق- خطورة تتبع آثار الأنبياء وما فيه من التشبه بالمشركين وأهل الكتاب، وكونه ذريعة لتعظيم تلك الآثار، وتعلق القلوب بها، مما يفضي في الغالب -مع طول العهد- إلى وقوع المسلم في الشرك بالله تعالى، واعتقاد النفع والضر في تلك الأماكن، فيقصدها تقربًا إلى الله، وطلبًا للبركة وابتغاء للخير.

وبناء على ذلك، يظهر حكم إحياء الآثار الإسلامية؛ وخاصة آثار الأنبياء والصالحين، والاهتمام بها، وتعظيمها، وتمجيدها، والمحافظة عليها، وأن ذلك مما نهى عنه الشرع وحرمه، بل الواجب هو إزالتها،


= ١٢٧٢ هـ، تلقي العلم عن أبيه وعمه نعمان خير الدين وغيرهم، وتقدم في العلوم العقلية والنقلية، حارب البدع والخرافات، ودعا إلى نهج السلف الصالح، وهاجم التصوف وطرقه، من مؤلفاته: بلوغ الإرب في أحوال العرب، وأخبار بغداد وما جاورها من البلدان، وغاية الأماني في الرد على النبهاني، توفي -رحمه الله- في بغداد سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وأربعين من الهجرة. [انظر ترجمته في: مشاهير علماء نجد وغيرهم (ص ٢٨٦)، والأعلام للزركلي (٧/ ١٧٢ - ١٧٣)].
(١) مسائل الجاهلية (ص ١٢٣).
(٢) هذه مفاهيمنا (ص ٢٢٢ - ٢٢٣).