للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإخفاؤها، والقضاء عليها حتى لا تكون مصدر شر، ومنبع فتنة للجهلة وضعاف النفوس.

ومما يدل على حرمة إحياء ما يسمى بالآثار الإسلامية، وتشديد الشرع في تشييدها، والمحافظة عليها ما يلي:

أولًا: كون ذلك من البدع التي ليس عليها دليل من الكتاب والسُّنَّة، ولا من فعل سلف الأمة من أهل القرون المفضلة، فلم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اهتم بالآثار الإسلامية من حيث البناء والتشييد والزيارة (١)، إلا ما دل الشرع على وجوب تعظيمه، ولم يثبت ذلك عن صحابته الكرام، ولا عن أحد من علماء الأمة المشهود لهم بالخيرية والإمامة، ولو كان ذلك خيرًا وسُنَّة وطاعة لسبقونا إليه، فعلم أنه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن الإحداث في الدين الذي نهانا عنه ربنا تبارك وتعالى في قوله -عز وجل-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١)} [الشورى: ٢١]. فسماهم الله ظالمين وتوعدهم بالعذاب.

وجاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: "صبحكم ومساكم"، ويقول: "بعثت أنا والساعة كهاتين"، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: "أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة") (٢).


(١) لقد أقام -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة بضع عشرة سنة، وأتاها بعد الهجرة في عمرة القضية، وفي غزوة الفتح، وفي عمرة الجعرانة، ولم يقصد غار حراء، وكذلك أصحابه من بعده لم يكن أحد منهم يأتي غار حراء. [انظر: مجموع الفتاوى (١٨/ ١١)، وانظر: (٢٦/ ١٤٤)].
(٢) رواه الإمام مسلم، كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة (٢/ ٥٩٢)، رقم (٨٦٧).