للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذا ثبت عن صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يتبركون بجسده الطاهر -صلى الله عليه وسلم-، وكذا بما انفصل منه؛ من الشعر والريق، والنخامة، والعرق، وكذا التبرك بثيابه التي كان يلبسها، ومن ذلك التبرك بفضل وضوءه وغسله، وفضل إنائه الذي شرب منه، ومواضع أصابعه في الإناء الذي أكل منه وغير ذلك (١).

ومما يجب التنبيه إليه هنا أن التبرك بآثار النبي -صلى الله عليه وسلم- المنفصلة عن جسده الطاهر غير ممكن، وذلك لعدم القطع واليقين بوجود شيء من آثاره عليه السلام في هذه الأيام، والموجود من ذلك قد حامت حوله الشبهات والشكوك، مع توافر دواعي فقدها، وأسباب ضياعها؛ لأجل ما مرت به الأمة من فتن وبلايا وحروب (٢).

وأما قياس غير النبي -صلى الله عليه وسلم- به في باب التبرك بالآثار الجسدية المنفصلة؛ فإنه من أبطل الباطل، وبيانه كما يلي:

أولًا: قياس الصالحين على النبي -صلى الله عليه وسلم- قياس مع الفارق، إذ من المعلوم أن مقام النبوة أعلى من مجرد مقام الصلاح، فالمقاربة في


(١) تبرك الصحابة بجسد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بما انفصل من جسده، أو لامس بدنه الطاهر، في حياته وبعد مماته من الشهرة بمكان. انظر: صحيح البخاري (١/ ٧٥) رقم (١٦٨)، و (٢/ ٩٧٤)، رقم (٢٥٨١)، و (٣/ ١٤٢٢)، رقم (٣٦٩٧)، و (٥/ ٢٢٤)، رقم (٥٦٨٩)، و (٥/ ٢٢١٠)، رقم (٥٥٥٧)، و (٦/ ٢٦٧٣)، رقم (٦٩١٠)، وصحيح الإمام مسلم (٣/ ١٦٩١)، رقم (٢١٤٦)، و (٣/ ١٦٢٣)، رقم (٢٠٥٣)، و (٤/ ١٧٢٣)، رقم (٢١٩٢)، و (٤/ ١٨١٢)، رقم (٢٣٢٥)، و (٤/ ١٨١٥)، رقم (٢٣٣١).
(٢) قد نفى وجود آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- في عصرنا الحاضر جملة من العلماء منهم أحمد تيمور باشا، والشيخ الألباني، والشيخ النجمي وغيرهم. انظر: [الآثار النبوية لأحمد تيمور باشا (ص ٧٨)، والتوسل أنواعه وأحكامه (ص ١٦١ - ١٦٢)، وأوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة للنجمي (ص ٥٠٥)، وللوقوف على المزيد في هذه المسألة يرجى الرجوع والنظر في كتاب التبرك أنواعه وأحكامه للشيخ الجديع (ص ٢٥٦ - ٢٦٠).