للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالصلاح، وقد عُدم أولئك. أما غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم، ومنها أنا لو ظننا صلاح شخص فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء، والأعمال بالخواتيم، فلا يكون أهلًا للتبرك بآثاره، ومنها أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا في حياته ولا بعد موته، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، فهلا فعلوه مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من الذين شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وكذلك التابعون هلا فعلوه مع سعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وأويس القرني، والحسن البصري، ونحوهم ممن يقطع بصلاحهم، فدل أن ذلك مخصوص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ومنها أن فعل هذا مع غيره -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أن يفتنه، وتعجبه نفسه، فيورثه العجب، والكبر، والرياء، فيكون هذا كالمدح في الوجه بل أعظم" (١).

ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في حكم قول القائل: (وأعاد علينا من بركته)، فأجاب بقوله: "يعني بركة علمه، وليس المراد بركة ذاته، فإن الذوات جعل الله فيها ما جعل من البركة، ولكن لا تصلح للتبرك بها إلا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من أَبْعاضِه كريقه، ولا يقاس على النبي -صلى الله عليه وسلم- غيره، والصحابة ما فعلوا مع أَبِي بكر وعمر من قصد البركة فيهما كما فعلوا مع النبي" (٢).

وقال رَحِمَهُ الله أيضًا في مسألة التبرك بآثار الصالحين قياسًا على التبرك بشعر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مسألة؛ وهي: أن بعض شراح الحديث يذكر أنه لا بأس بالتبرك بآثار الصالحين إذا مروا بذكر شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذا غلط ظاهر لا يوافقهم عليه أهل العلم والحق، وذلك أنه: ما ورد إلا في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-.


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ١٥٣ - ١٥٤).
(٢) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (١/ ١٠٣ - ١٠٤) رقم (٤٠).