للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر، وعمر، وذو النورين عثمان، وعلي، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وبقية البدريين، وأَهل بيعة الرضوان، ما فعل السلف هذا مع واحد منهم، أفيكون هذا منهم نقصًا في تعظيم الخلفاء التعظيم اللائق بهم، أو أنهم لا يلتمسون ما ينفعهم؟! فاقتصارهم على النبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على أنه من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي بركة جعلها الله في النبي -صلى الله عليه وسلم- كما جعلها في بعض المخلوقات" (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين: "لأن ريق الإنسان ليس سببًا للبركة والشفاء، ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أما غيره فلا يتبرك بآثاره. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يتبرك بآثاره في حياته وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار، كما كان عند أم سلمة (٢) - رضي الله عنهما - جلجل من فضة فيه شعرات من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشفي بها المرضى، فإذا جاء مريض صبت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم أعطته الماء، لكن غير النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه، أو بعرقه، أو بثوبه، أو بغير ذلك، بل هذا حرام، ونوع من الشرك" (٣).

وبهذه النقول يتبين لنا ضعف قول من قاس أهل الصلاح على النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ إن السبب الذي من أجله جاز التبرك ببدن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بما انفصل منه ليس هو مجرد الصلاح، وإنما السبب الرئيس هو النبوة والرسالة، فالله تعالى قد بارك في أجساد الأنبياء، وجعلها مباركة، وشُرعَ لنا أن نتبرك بها إكرامًا لهم ورفعةً لمنزلتهم.


(١) المصدر السابق (١/) رقم (٤١).
(٢) هي: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية، أم المؤمنين أم سلمة، مشهورة بكنيتها، وكانت تحت أبي سلمة بن عبد الأسد، وهو ابن عمها، وهاجرت معه إلى الحبشة، ثم هاجرت إلى المدينة، ولما مات تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم-. [ترجمتها في: الإصابة (٨/ ١٥٠)].
(٣) مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين (١/ ١٠٧ - ١٠٨).