للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ينبغي التنبيه عليه أن التبرك المشروع ببدن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بما انفصل منه ليس من باب الغلو في النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ ليس هو مالك البركة وواهبها، ولكنه يدخل في باب التعظيم الذي يستحقه -صلى الله عليه وسلم-، والإكرام الذي يليق به عليه السلام، مع وجوب القطع بأن مالك البركة وواهبها هو الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- جعلت فيه البركة، فهو مبارَك، والله هو المبارِك له، وقد شرع لنا التماس البركة منه -صلى الله عليه وسلم-.

ثم لو كان في ذلك أدنى مثقال ذرة من الغلو، أو صرف لشيء من التأله لغير الله تعالى لما رضيه -صلى الله عليه وسلم-، وأقرَّ أصحابه عليه، كيف وهو إمام الحنفاء، وأعظم من حقق التوحيد وحمى حماه.

يقول الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان (١): "وإنما جاز في حقه -صلى الله عليه وسلم- النص به والأمر" (٢).

ثم إن التبرك ببدن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه دليل على صدق إيمان المُتَبَرِّك، والتصديق برسالته وتعظيمه وحبه، وأن له عند الله تعالى مقامًا عظيمًا لا


(١) هو: العالم المفسر الأصولي الفقيه الفرضي الورع الزاهد، الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان أبو محمد من قبيلة عتيبة، ولد في مدينة عنيزة في ٢٥/ رمضان/ ١٣٣٧ هـ، ابتدأ بالقراءة على علامة القصيم الشيخ المحقق عبد الرحمن بن ناصر السعدي ولازمه ستة عشر عامًا، تولى الإمامة وخطبة الجمعة، وعمل في المعهد العلمي، وبعده في معهد إمام الدعوة العلمي، له كثير من المؤلفات التي لم يسمح بيعها وجعلها وقفًا لله تعالى، ومنها: الأنوار الساطعات لآيات جامعات، والكواشف الجلية عن معاني الواسطية، وإتحاف المسلمين بما تيسر من أحكام الدين، وأوضح المسالك إلى أحكام المناسك، وغيرها كثير، توفي في التاسع عشر من شهر صفر لعام ١٤٢٢ هـ. [ترجمته في: مقال بعنوان: (شيخ الزهد)، في جريدة الرياض، يوم الأربعاء ٢٢/ ٢/ ١٤٢٢ هـ، كتبه: إبراهيم بن عبد العزيز الشثري بمركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسويدي، وللمؤرخ كامل محمد عويصة ترجمة موسعة بعنوان: شيخ المعلمين وعلامة القرن العشرين، وعلمت أنها ما زالت مخطوطة في ٢٠٣ صفحة].
(٢) الكواشف الجلية عن معاني الواسطية (ص ٧٤٦).