للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدركه أحد من أمته، كما أن فيه إعلامًا عظيمًا لجميع أهل الأرض، على اختلاف أديانهم، وتنوع مشاربهم بمكانة هذا النبي الأمي العظيم الصادق الأمين الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

يقول الإمام القرطبي في تعليل فعل الصحابة وتبركهم بآثار النبي عليه السلام المنفصلة عنه: "وهذا كله عمل بمقتضى الأمر بالتعزير والتعظيم ونتيجة الحب الصحيح، رزقنا الله الحظ الأكبر من تعظيمه ومحبته وحشرنا في زمرته" (١).

ويقول الشيخ النجمي - حفظه الله -: "التبرك بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما جاز؛ لأنَّه ثمرة الإيمان به، ودليل على صدق إيمان المتبرك [به]، كما في قصة أم سليم، والمهم أن التبرك به إنما جاز؛ لأنَّه من ثمرات الإيمان به، وبرسالته، وأن له عند الله مقامًا لا يوازيه فيه أحد من بني آدم" (٢).

ولذا أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام - رضي الله عنهم - على هذا التبرك في غزوة الحديبية، وكان في ذلك غايات حميدة منها إرهاب قريش وإطلاعهم على مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، وحبهم وتعظيمهم له.

يقول الشيخ الألباني: "النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن أقرّ الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره والتمسح بها، وذلك لغرض مهم، وخاصة في تلك المناسبة، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش، وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم، وحبهم له، وتفانيهم في خدمته، وتعظيم شأنه" (٣).

ولذا لم يكن هذا التبرك نافعًا للمنافقين، وأهل الشرك والفساد، بل لا بد للانتفاع بهذا التبرك من الإيمان الصحيح المقبول عند الله تعالى (٤).


(١) المفهم (٥/ ٢٧٦).
(٢) انظر: أوضح الإشارة (ص ٥٠٤ - ٥٠٥).
(٣) التوسل أنواعه وأحكامه (ص ١٦٢).
(٤) التوسل أنواعه وأحكامه (ص ١٦١)، وأوضح الإشارة (ص ٥٠٥).