للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرحال إليه، وأما أولى القبلتين فإنَّه قد يفهم السامع أن هناك قبلتين باقيتين، وأن أولاهما المسجد الأقصى، فيظن السامع أن الاتجاه إلى المسجد الأقصى ليس بمنسوخ مع أنه منسوخ، والذي ينبغي أن يتجنب الإنسان كل عبارة فيها إبهام، ونقول في المسجد الأقصى إنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها، وكفى به شرفًا أن تشد الرحال إليه" (١).

وكلامه -رحمه الله- هو باعتبار ما يؤدي إليه من الوهم وسوء الفهم عند بعض الناس، وإن كانت العبارة من الناحية اللغوية الشرعية مستقيمة لا إشكال فيها على أحد القولين في المسألة؛ فإن قبلة بيت المقدس هي القبلة الأولى في الإسلام التي أمر -صلى الله عليه وسلم- باستقبالها والتوجه إليها؛ وأما على القول الآخر وهو أن قبلة بيت المقدس إنما شرعت في المدينة، وأنه -صلى الله عليه وسلم- كان بمكة يستقبل البيت الحرام فتكون العبارة غير صحيحة من حيث الواقع وحقيقة الأمر، وعليه تكون قبلة الكعبة هي القبلة الأولى والأخيرة.

خامسًا: تضمنت القاعدة الرد على بعض الغلاة الذين يستقبلون قبور شيوخهم في الصلاة أو غيرها ويعتبرون هذه القبور هي قبلة الخواص منهم، أما الكعبة فهي قبلة العوام من المسلمين.

يقول الإمام ابن تيمية: "مع أن طائفة من غلاة العباد يصلون إلى قبور شيوخهم، بل يستدبرون القبلة ويصلون إلى قبر الشيخ، ويقولون هذه قبلة الخاصة والكعبة قبلة العامة" (٢).

ويقول -رحمه الله-: "ومنهم من يستقبل قبر شيخه وقت الصلاة ويستدبر الكعبة، ويقول: هذا قبلة الخاصة والكعبة قبلة العامة، وهذا كفر صريح


(١) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين (١٢/ ٤٣٠).
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة (١/ ١٦٦).