للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجب استتابة قائله مع أنه يفعله طائفة من الزهاد والعباد، وبعضهم يسجد لقبورهم" (١).

ويقول -رحمه الله- أيضًا: "ومنهم من يجعل استقبالها -أي: القبور- في الصلاة أولى من استقبال الكعبة ويقول: هذه قبلة الخاصة والكعبة قبلة العامة. ومعلوم أن هذا من الكفر بالرسول وبما جاء به الرسول، ومن الشرك برب العالمين لا يفعل هذا من يعلم أن الرسول جاء بخلافه، وأن الرسول جاء بالحق الذي لا يسوغ خلافه، بل إنما يفعل هذا من كان جاهلاً بسُنّة الرسول، أو من يجعل له طريقًا إلى الله غير متابعة الرسول، مثل من يجعل الرسول مبعوثًا إلى العامة، وأنه أو شيخه من الخاصة الذين لا يحتاجون إلى متابعة الرسول، أو أن لهم طريقًا أفضل من طريقة الرسول، ونحو ذلك وهؤلاء كلهم كفار وإن عظموا قبر الرسول كما يعظمون قبور شيوخهم" (٢).

ومن هؤلاء الضلال من يتقصد الجهة التي فيها شيخه، أو من يعظمه، وقت الدعاء، ولا شك أنه لم يصدر منهم هذا الاستقبال إلا لاعتقادهم في شيوخهم، وانتفاعهم بذلك التوجه، وهذا أمر من الخطورة بمكان؛ وهو من البدع الشنيعة، ومن أقصر الطرق المؤدية إلى الوقوع في الشرك بالله العظيم.

يقول الإمام ابن تيمية: "ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها معظمه الصالح، ... وهذا ضلال بيِّن وشرك واضح .. وكل هذه الأشياء من البدع التي تضارع دين النصارى" (٣).

سادساً: تضمنت القاعدة إبطال فعل من يقف مستقبلًا القبر النبوي أو الحجرة النبوية من أي مكان في المسجد بعيدًا عن مكان القبر؛ وذلك


(١) تلخيص كتاب الاستغاثة (١/ ٨٨).
(٢) الرد على الإخنائي (ص ٢٢).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٦٥).