للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بيَّن رحمه الله وجه ذلك بقوله: "وذلك أنه من أطاع الله فيما أمره به وفيما نهاه عنه فقد أتم عبادة الله، ومن أطاع الشيطان في دينه وعمله فقد عبد الشيطان، ألم تر أن الله قال للذين فرطوا: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠)} [يس: ٦٠]، وإنما كانت عبادتهم الشيطان أنهم أطاعوه في دينهم؛ فمنهم من أمرهم فاتخذوا أوثانًا أو شمسًا أو قمرًا أو بشرًا أو ملكًا يسجدون له من دون الله، ولم يظهر الشيطان لأحد منهم فيتعبد له أو يسجد له، ولكنهم أطاعوه فاتخذوها آلهة من دون الله" (١).

وعرَّفها الطبري بقوله: "العبادة: الخضوع لله بالطاعة، والتذلل له بالاستكانة" (٢).

ويقول الإمام السمعاني: "والعبادة هي الطاعة مع التذلل والخضوع" (٣).

ويقول الرازي: "العبادة: هي التذلل والخضوع للمعبود على غاية ما يكون" (٤)

ويقول أيضًا في معنى العبادة: "والعبادة: عبارة عن إظهار


= والثاني: الطاعة، يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "وذكر أهل التفسير أن العبادة في القرآن على وجهين: أحدهما: التوحيد، ومنه قوله تعالى في سورة النساء: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}، أي: وحدوه، وفي المؤمنين: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وفي الأنبياء: {وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣)}، وفي سورة نوح: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ}، كذلك كل ما ورد في دعاء الأنبياء قومهم. وافماني: الطاعة ومنه قوله تعالى فى القصص: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣)}، وفي يس: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}، وفي سبأ: {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠)} [نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي (٤٣١)].
(١) تعظيم قدر الصلاة (١/ ٣٤٦).
(٢) جامع البيان (١/ ٣٦٢).
(٣) تفسير السمعاني (١/ ٣٧)، وانظر: الإمام في بيان أدلة الأحكام (١/ ١٦٩).
(٤) التفسير الكبير (٣٢/ ١٠١).