للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محبة الله، وإرادة وجهه، فهي باطلة فاسدة، كان كل عمل لا يراد به وجهه باطلًا، فأعمال الثقلين الجن والإنس منقسمة؛ منهم من يعبد الله، ومنهم من لا يعبده، بل قد يجعل معه إلهًا آخر.

وأما الملائكة فهم عابدون لله، وجميع الحركات الخارجة عن مقدور بني آدم، والجن، والبهائم، فهي من عمل الملائكة وتحريكها لما في السماء والأرض وما بينهما، فجميع تلك الحركات والأعمال عبادات لله، متضمنة لمحبته، وإرادته، وقصده" (١).

ويقول أيضًا: "ومن المعلوم أن كل حي فله إرادة وعمل بحسبه، وكل متحرك فأصل حركته المحبة والإرادة، ولا صلاح للموجودات إلا أن يكون كمال محبتها وحركتها لله تعالى، كما لا وجود لها إلا أن يبدعها الله" (٢).

فجميع الحركات أصلها المحبة والإرادة، وهذه المحبة والإرادة لا بد أن تكون لمحبوب مراد لنفسه، ليس محبوبًا لغيره وإلا لزم التسلسل في المحبوبين، وهو باطل.

يقول ابن تيمية: "وإذا كانت كل حركة فأصلها الحب والإرادة من محبوب مراد لنفسه لا يحب لغيره، إذ لو كان كل شيء محبوبًا لغيره لزم الدور، أو التسلسل، والشيء قد يحب من وجه دون وجه، وليس شيء يحب لذاته من كل وجه إلا الله وحده، ولا تصلح الإلهية إلا له، ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" (٣).

ويقول الإمام ابن القيم مؤيدًا لما قرره شيخه ابن تيمية -رحمهم الله تعالى-: "والمقصود: أن حركات الأفلاك، وما حوته تابعة للحركة الإرادية المستلزمة للمحبة، فالمحبة والإرادة أصل كل فعل ومبدأه، فلا يكون الفعل


(١) قاعدة في المحبة (ص ٢٢ - ٢٤).
(٢) المصدر السابق (ص ١٤).
(٣) المصدر السابق (ص ١٣ - ١٤).