للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا بد أن يعظموهم، ويحبوهم لذلك، فإنهم أحبوهم مع الله، وإن كانوا يحبون الله تعالى، ويقولون: لا إله إلا الله، ويصلون، ويصومون، فقد أشركوا بالله في المحبة بمحبة غيره، وعبادة غيره، فاتخاذهم الأنداد يحبونهم كحب الله يبطل كل قول يقولونه، وكل عمل يعملونه؛ لأن المشرك لا يقبل منه عمل، ولا يصح منه" (١).

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]: "قلت: مراده أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله: هو إفراد الله بأصل الحب الذي يستلزم إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وعلى قدر التفاضل في هذا الأصل وما ينبني عليه من الأعمال الصالحة يكون تفاضل الإيمان، والجزاء عليه في الآخرة، فمن أشرك بالله تعالى في ذلك، فهو المشرك لهذه الآية" (٢).

فتبين من ذلك أن إفراد الله بأصل الحب هو أصل العبادة الشرعية المستوجبة للذل له والخوف منه، والرجاء فيه وجميع العبادات الظاهرة والباطنة.

ومما يوضح الأمر أن كراهية الله أو بغضه، أو بغض شيء من دينه، وشرعه، تنافي أصل الإيمان القلبي وتناقضه، وما ذلك إلا لمناقضتها لأصل المحبة، إذ لا تجتمع المحبة والبغض في القلب لذات واحدة؛ ولذلك حكم الله تعالى على من وجد في قلبه شيء من هذه الكراهية، أو هذا البغض لله، أو لشرع الله بالكفر المخرج عن ملة الإسلام، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩]، وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} [محمد: ٢٨].


(١) فتح المجيد (ص ٧٦).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ١١٢).