للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه) (١)؛ أي: هو لم يعصه، ولو لم يخفه فكيف إذا خافه؛ فإن إجلاله، وإكرامه لله يمنعه من معصيته.

فالراجي الخائف إذا تعلق خوفه، ورجاؤه، بالتعذب باحتجاب الرب عنه، والتنعم بتجليه له، فمعلوم أن هذا من توابع محبته له، فالمحبة: هي التي أوجبت محبة التجلي، والخوف من الاحتجاب، وإن تعلق خوفه ورجاؤه بالتعذب بمخلوق، والتنعم به، فهذا إنما يطلب ذلك بعبادة الله المستلزمة محبته، ثم إذا وجد حلاوة محبة الله وجدها أحلى من كل محبة، ولهذا يكون اشتغال أهل الجنة بذلك أعظم من كل شيء، كما في الحديث: "إن أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس" (٢)، وهو


(١) اشتهر في كلام الأصوليين، وأصحاب المعاني، وأهل اللغة، من حديث عمر، وبعضهم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر البهاء السبكي: أنه لم يظفر به بعد البحث والتفحص، وهذا ما قاله جمع من أهل اللغة، ونقل السخاوي عن ابن حجر أنه ظفر به في مشكل الحديث لابن قتيبة، ولكن بدون إسناد، ولكن جاء بمعناه عن سالم مولى أبي حذيفة، فقد أخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن الأرقم قال: حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس، والمسور بن مخرمة، فقال عمر سمعت رسول الله يقول: "إن سالما شديد الحب لله عزَّ وجلَّ لو كان لا يخاف الله ما عصاه" قال السخاوي: (وسنده ضعيف)، وذكر كثجر من أهل العلم بأنه لا أصل له. [انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي (ص ٧٠١)، كشف الخفاء للعجلوني (٢/ ٤٢٨)، والنخبة البهية لمحمد الأمير المالكي (ص ١٢٨)، والمصنوع لعلي القارئ (ص ٢٠٢)، وكذا: الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة للقارئ (ص ٣٧٢)، واللؤلؤ المرصوع لمحمد خليل الطرابلسي (ص ٢١٠)، والتذكرة في الأحاديث المشتهرة لبدر الدين الزركشي (ص ١٦٩)، والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني (ص ٤٠٩)، والفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة للشيخ مرعي المقدسي (ص ١١٢)، ونقل الزركشي -رحمه الله- عن بعض الفقهاء في معناه: "وهو الذي يقتضيه قول عمر: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) وتقديره: أنه لو لم يخف الله لم يعصه؛ لإجلاله لذاته وتعظيمه، فكيف وهو يخاف، وإذا كان كذلك كان عدم عصيانه معللًا بالخوف والإجلال والإعظام". [البحر المحيط في أصول الفقه (٤/ ١٥٨ - ١٥٧)].
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في صفات=