للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبين غاية تنعمهم بذكر الله، ومحبته، فالخوف من التعذب بمخلوق، والرجاء له يسوقه إلى محبة الله التي هي الأصل، وهذا كله ينبني على أصل المحبة" (١).

وبذلك يتبين بطلان الحديث المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شداد بن أوس قال: (بكى شعيب النبي -صلى الله عليه وسلم- من حب الله حتى عمي، فرد الله إليه بصره، وأوحى إليه: يا شعيب ما هذا البكاء؟ أشوقًا إلى الجنة، أم خوفًا من النار، قال: إلهي وسيدي أنت تعلم ما أبكي شوقًا إلى جنتك، ولا خوفًا من النار، ولكني اعتدت حبك بقلبي، فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي يصنع بي، فأوحى الله إليه: يا شعيب إن يك ذلك حقًا فهنيئًا لك لقائي يا شعيب؛ لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي) (٢).

ويتبيَّن ضعف الحديث بما يلي:-

١ - مخالفة الحديث لنص القرآن، حيث ذكر الله تعالى حال جملة من الأنبياء في عبادتهم ودعائهم لله تبارك وتعالى، وأنهم كانوا يدعونه خوفًا من عذابه، وطمعًا ورجاء في ثوابه، كما قال سبحانه: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)} [الأنبياء: ٩٠]، ونبي الله شعيب شأنه شأن هؤلاء الأنبياء ممن عبد الله حبًا لذاته وخوفًا من عقابه، وطمعًا في ثوابه؛ ولذا عندما أعرض قومه عن دعوته حذرهم من عذاب الله كما قال -عز وجل-: {وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ


= الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيًا (٤/ ٢١٨٠)، برقم (٢٨٣٥)، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-.
(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٦٢ - ٦٤).
(٢) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ٣١٥)، ترجمة رقم (٣٣٦٢)، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (٩/ ١٩)، ترجمة رقم (٧٥١)، وكنز العمال (١٢/ ٢١٦)، برقم (٣٥٥٨٠)، كلهم من رواية: إسماعيل بن الحسن بن بندار الأستراباذي.