للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتشهد، وأقول: اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك (١)، ولا دندنة معاذ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حولها ندندن") (٢).

يقول الإمام ابن تيمية: (وطلب الجنة والاستعاذة من النار طريق أنبياء الله، ورسله، وجميع أولياء الله السابقين المقربين، وأصحاب اليمين، كما في "السُّنن": أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل بعض أصحابه، "كيف تقول في دعائك؟ " قال: أقول: اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حولها ندندن"، فقد أخبر أنه هو -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ، وهو أفضل الأئمة الراتبين بالمدينة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما يدندنون حول الجنة، أفيكون قول أحد فوق قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ، ومن يصلي خلفهما من المهاجرين والأنصار" (٣).

ويتبين بذلك أن طلب الجنة والاستعاذة من النار لا يعارض محبة الله تعالى، وكونه يستحق العبادة لما اتصف من صفات الجمال والكمال، كما أن النظر إلى الثواب والعقاب لا يعتبر مما ينقص رتبة


(١) يقول الإمام النووي: "الدندنة: كلام لا يفهم معناه، ومعنى "حولها ندندن"؛ أي: حول الجنة والنار، أو حول مسألتهما" إحداهما: سؤال طلب، والثانية: سؤال استعاذة، والله أعلم"، وقال أبو عبيد: "الدندنة: أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته، ولا تفهم عنه؛ لأنه يخفيه، وإنما أراد: أن هذا تسمعه منا، إنما هو من أجل الجنة والنار فهذه الدندنة". [الأذكار للنووي (٥٧)، وغريب الحديث لابن سلام الهروي (١/ ٢٦٠)، وانظر: النهاية (٢/ ١٣٧)].
(٢) رواه أبو داود في سننه، كتاب: باب: في تخفيف الصلاة (١/ ٢١٠)، برقم (٧٩٢)، قال النووي: "رواه أبو داود بإسناد صحيح"، [المجموع (٣/ ٤٣٦)].
(٣) الاستقامة (٢/ ١١٠ - ١١١)، يقول السبكي: "ويظن بعض الجهلة خلاف ذلك، وهو جهل، فمن لم يسأل الله الجنة، والنجاة من النار، فهو مخالف للسُّنَّة؛ فإن من سُنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولما قال ذلك القائل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إنه يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار، وقال ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حولها ندندن". فهذا سيد الأولين والآخرين يقول هذه المقالة، فمن اعتقد خلاف ذلك فهو جاهل ختال".
[فتاوى السبكي (٢/ ٥٦٠)، وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٢٧)].