للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسان عند الله تعالى، بل هذا مما يحبه الله تعالى من عباده أن يفعلوه، ولهذا طلب الله -عز وجل- منهم ودعاهم إلى الجنة، كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)} [يونس: ٢٥].

ويسوق الإمام ابن القيم عددًا من الأدلة في بيان أن سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار هو من صفات عباد الله المؤمنين، وأوليائه المتقين فيقول: "أما إذا كان مطلوبهم الأعظم الذاتي: هو قربه، والوصول إليه، والتنعم بحبه، والشوق إلى لقائه، وانضاف إلى هذا طلبهم لثوابه المخلوق المنفصل، فلا علة في هذه العبودية بوجه ما، ولا نقص، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حولها ندندن يعني: الجنة، وقال: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة" (١)، ومعلوم أن هذا: مسكن خاصة الخاصة، وسادات العارفين، فسؤالهم إياه ليس علة في عبوديتهم، ولا قدحًا فيها" (٢).

ويقول رحمه الله أيضًا: "والقرآن والسُّنَّة مملوءان من الثناء على عباده، وأوليائه بسؤال الجنة، ورجائها، والاستعاذة من النار، والخوف منها ...

والعمل على طلب الجنة والنجاة من النار مقصود الشارع من أمته؛ ليكونا دائمًا على ذكر منهم، فلا ينسونهما؛ ولأن الإيمان بهما شرط في النجاة، والعمل على حصول الجنة، والنجاة من النار هو محض الإيمان ...

وقد حض النبي عليها أصحابه وأمته، فوصفها وجلَّاها لهم؛ ليخطبوها وقال: "ألا مشمر للجنة، فإنها ورب الكعبة: نور يتلألأ،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب: درجات المجاهدين في سبيل الله (٣/ ١٠٢٨)، برقم (٢٦٣٧)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عن -.
(٢) مدارج السالكين (١/ ٤٨٠).