للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تهذيب النفس، وإصلاح عوجها، إلا إذا كانت صادرة من تصور مقصد، مما يرجع إلى التهذيب، دون العادة، وموافقة الناس، أو الرياء والسمعة، أو قضاء جبلة؛ كالقتال من الشجاع الذي لا يستطيع الصبر عن القتال، فلولا مجاهدة الكفار لصرف هذا الخلق في قتال المسلمين" (١).

وقال -رحمه الله- أيضًا: "وأعني بالنية المعنى الباعث على العمل، من التصديق بما أخبر به الله على ألسنة الرسل، من ثواب المطيع، وعقاب العاصي، أو حب امتثال حكم الله فيما أمر ونهى، ولذلك وجب أن ينهى الشارع عن الرياء والسمعة، ويبين مساويهما أصرح ما يكون" (٢).

وعمومًا فإطلاق النية في كلام أهل العلم يتضمن نوعين هما:

الأول: قصد العبادة، وهذا يشتمل على مرتبتين:

١ - تمييز عبادة عن عبادة.

٢ - تمييز عبادة عن عادة.

الثاني: قصد المعبود، وبهذه النية يتميز المعبود المستحق للعبادة عن غيره.

وهما بمثابة الركنين لنية العبادة.

يقول الإمام ابن تيمية: "وأصل ذلك أن النية المعهودة في العبادات تشتمل على أمرين: على قصد العبادة، وقصد المعبود، وقصد المعبود هو الأصل الذي دلَّ عليه قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرف إلى ما هاجر إليه" (٣)، فإنه -رحمه الله- ميز بين مقصود ومقصود ...


(١) حجة الله البالغة، للدهلوي (ص ٣٦٤ - ٣٦٥).
(٢) المرجع السابق (ص ٥٩٧).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، في بدء الوحي وغيره، باب: كيف كان بدء الوحي =